الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرق بين القرعة والاستقسام بالأزلام هو أن القرعة طلب تعيين الحق لأصحاب الحقوق، وأما الاستقسام بالأزلام فهو استخارة جاهلية يطلب فيها تعيين الخير من الشر بوساطة الأزلام التي هي عبارة عن أقداح يستخدمها الكفار وقد حرمها الشرع، وجاء في القرآن أنها من عمل الشيطان، قال ابن كثير: وقوله تعالى: وأن تستقسموا بالأزلام ـ أي: حرم عليكم أيها المؤمنون الاستقسام بالأزلام: واحدها: زلم، وقد تفتح الزاي، فيقال: زلم، وقد كانت العرب في جاهليتها يتعاطون ذلك، وهي عبارة عن قداح ثلاثة، على أحدها مكتوب: افعل ـ وعلى الآخر: لا تفعل ـ والثالث ـ غفل ليس عليه شيء، ومن الناس من قال: مكتوب على الواحد: أمرني ربي ـ وعلى الآخر: نهاني ربي ـ والثالث: غفل ليس عليه شيء، فإذا أجالها فطلع السهم الآمر فعله، أو الناهي تركه، وإن طلع الفارغ أعاد الاستقسام، والاستقسام مأخوذ من طلب القسم من هذه الأزلام، هكذا قرر ذلك أبو جعفر بن جرير.... اهـ باختصار.
وجاء في الموسوعة الفقهية: القرعة: اسم مصدر بمعنى الاقتراع، وهو الاختيار بإلقاء السهام ونحو ذلك، وليست القرعة من الميسر كما يقول البعض, لأن الميسر هو القمار, وتمييز الحقوق ليس قمارا، وليست من الاستقسام المنهي عنه, لأن الاستقسام تعرض لدعوى علم الغيب, وهو مما استأثر به الله تعالى, في حين أن القرعة تمييز نصيب موجود فهي أمارة على إثبات حكم قطعا للخصومة, أو لإزالة الإبهام، وعلى ذلك فالقرعة التي تكون لتمييز الحقوق مشروعة، أما القرعة التي يؤخذ منها الفأل, أو التي يطلب بها معرفة الغيب والمستقبل فهي في معنى الاستقسام الذي حرمه الله سبحانه وتعالى. اهـ.
والله أعلم.