الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة، والراجح أنه يجوز في البنيان دون الفضاء، وهو قول الجمهور، ودليله حديث ابن عمر المتفق عليه قال: لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ، مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ المَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ.
قال الحافظ في الفتح: وَبِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبُنْيَانِ، وَالصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا قَالَ الْجُمْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ لِإِعْمَالِهِ جَمِيعَ الْأَدِلَّةِ. وَيُؤَيِّدُهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ عَن ابن الْمُنِيرِ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي الْبُنْيَانِ مُضَافٌ إِلَى الْجِدَارِ عُرْفًا، وَبِأَنَّ الْأَمْكِنَةَ الْمُعَدَّةَ لِذَلِكَ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ فَلَيْسَتْ صَالِحَةً لِكَوْنِهَا قِبْلَةً بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ فِيهِمَا. انتهى.
فإذا علمت هذا، وتبين لك أن الأرجح عدم تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة في البنيان، فإن الاحتياط هو ترك ذلك إن أمكن خروجا من الخلاف.
وعلى كل فليس لهذا الأمر أثر فيما بالبيت من مشكلات -إن شاء الله- وعلى أهل هذا البيت أن يحلوا مشكلاتهم بالحكمة، والروية، والرجوع إلى ما يقتضيه الشرع، واستشارة أهل العلم، وأن يذكروا أبناءهم بضرورة بر الوالدين، وخطورة عقوقهم، وأنه من كبائر الذنوب عياذا بالله.
والله أعلم.