الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبكير يبدأ من طلوع الشمس, وقيل من طلوع الفجر، وانظر أقوال الفقهاء حول هذا في الفتوى رقم: 115577.
ولبيان تقسيم ساعات الجمعة راجع الفتوى رقم: 236128.
والظاهر أن الحضور إلى المسجد قبل صعود الإمام المنبر بدقيقتين يحصل به ثواب التبكير, لأنه ينقطع بحضور الإمام للخطبة, جاء في التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي: حَتَّى إِذا خرج الإمام ليصعد الْمِنْبَر للخطبة رفعت الصُّحُف ـ أَي طووها ورفعوها للعرض ـ من جَاءَ بعد ذَلِك فَلَا نصيب لَهُ فِي ثَوَاب التبكير. انتهى.
وفي مرقاة المفاتيح للملا علي قاري: فإذا خرج الإمام ـ أراد نفسه عليه الصلاة والسلام، فالمراد الخروج الحقيقي من الحجرة الشريفة، أو المعنى: إذا ظهر الإمام بدخوله إلى المسجد، أو بطلوعه على المنبر، والأخير أنسب: طووا ـ أي: الملائكة ـ صحفهم ـ أي: دفاترهم التي يكتبون فيها أسماء أهل الجمعة أولا، فأولا ـ والأجر على قدر مراتبهم في السبق فرعا وأصلا، وفي رواية النسائي: طووا صحفهم، فلا يكتبون شيئا ـ أي: من ثواب التبكير. انتهى.
ثم إن الأفضل ذهابك بالسيارة إلى مسجد تنتفع بخطيبه أكثر بناء على ما ذكره بعض أهل العلم من كون الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من غيره, وفي فتاوى الشيخ ابن عثيمين: وذلك لأن المحافظة على الفضيلة المتعلقة بالعبادة أولى من المحافظة على الفضيلة المتعلقة بمكانها، هكذا قال العلماء، وضربوا لذلك مثلاً بالرمل، والدنو من الكعبة، الرمل في طواف القدوم أو الدنو من الكعبة، لو قال قائل: أنا إن دنوت من الكعبة لم يحصل لي الرمل، وإن أبعدت عن الكعبة حصل لي الرمل فأيهما أفضل، أن أدنو من الكعبة، أو أن أبتعد وأرمل، فأيهما أفضل؟ يقول العلماء: الأفضل أن تبتعد وترمل، لأن الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى بالمحافظة من الفضيلة المتعلقة بمكانها. انتهى.
والله أعلم.