الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء بين محرم، ومبيح؛ حيث أفتت اللجنة الدائمة بتحريم ذبح الحيوان لإراحته.
جاء عنها في فتواها رقم: 20815 ما نصه: إن كان ذبح الحيوان المريض لأجل أكله، فلا حرج في ذلك، أما إن كان ذبحه لإراحته من آلام المرض فقط، فلا يجوز؛ لأنه مال، وذبحه إتلاف له، وقد نهت الشريعة عن إتلاف المال وإضاعته. اهـ.
وأجاز ذلك علماء المالكية.
جاء في التاج والإكليل للمواق: سئل ابن القاسم عن الدابة التي يؤكل لحمها، تعيا في أرض لا علف فيها. فقال: يدعها ولا يذبحها. قال: ولو كانت لرجل دابة مريضة، يئس من النفع بها على كل وجه، فذبحها أحب إلي من تركها.
ابن رشد: إنما قال في الدابة التي تعيا أنه يدعها, رجاء أن يجدها من يقوم عليها حتى تصح, ثم إن وجدها صاحبها قد صحت عند الذي قام عليها، فسمع ابن القاسم أنه يكون أحق بها، بعد أن يدفع إلى الذي قام عليها ما أنفق عليها, واستحب في التي يئس من المنتفع بها على كل حال، أن يذبحها؛ لأن في ذلك راحتها. اهـ.
ويظهر أن هذا القول الأخير هو الأولى، وعليه، فإذا كان الحيوان المذكور قد أيس من حياته، أو كان يخشى من مرضه انتقال العدوى، فلا مانع من التخلص منه وقتله بطريقة لائقة، ومشروعة.
أما إن كان مرضه بسيطا، ولا تخشى منه عدوى، فلا يقتل هدرا؛ لأن ذلك من إضاعة المال، بل يعالج حتى يشفى، أو يعطى لمن يعالجه ويقوم برعايته؛ وانظر الفتوى رقم: 18848 ، ورقم: 151343
وننبه إلى أنه في حالة ما إذا أراد الإنسان قتل تلك الدابة، فليحذر من قتلها بالحرق، أو بالتعذيب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم، فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم، فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني. ولقوله عليه الصلاة والسلام: وإن النار لا يعذب بها إلا الله . رواه البخاري.
وفي خصوص دفن الحيوان بعد قتله: فإن كان المقصود التعبد بذلك، كما هو الحال في دفن الميت من البشر، فإن هذا الأمر غير مباح؛ لعدم ورود دليل فيه، وإن كان لمجرد التخلص من رائحته، أو نحو ذلك، فليس فيه من حرج، كما هو الحال في رميه.
والله أعلم.