الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله لنا ولك العافية والسلامة، وليس عندنا ما يجزم به في شأن تأثير الحبوب المسكنة للألم على الرقية، ولا في شأن الدم الذي يخرج منك، هل هو من أثر الرقية أم أن له سببا آخر، ولكنك إذا رأيت هذا الدم في زمن يصلح أن يكون فيه حيضًا، بأن مرّ على انقطاع الحيضة السابقة عليه خمسة عشر يوما عند الجمهور، وثلاثة عشر يومًا عند الحنابلة، فهو دم حيض؛ ولتفصيل القول حول ضابط زمن الحيض انظري الفتوى رقم: 118286.
ثم إنا ننصحك بمواصلة الرقية الشرعية، وأن لا تقطعيها حتى يحصل البرء الكامل بإذن الله تعالى، وننصحك برقية نفسك وبطلب الدعاء من والديك، فإن دعاء الوالدين مستجاب كما في حديث الترمذي، ودعوة الإنسان المضطر حرية بالإجابة لقوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.
ولا حرج عليك في طلب الدعاء من بعض الأئمة وأن تذكري لهم اسمك، وإن شئت أن تكتميه وتقولي لهم: هنا أخت لكم في الله عندها ابتلاءات وترجو منكم الدعاء، فلا حرج في ذلك، ويشرع لك الذهاب للراقي مع امرأة أخرى؛ لأن وجود امرأتين مع الأجنبي ليس بخلوة إذا كانتا ثقتين محتشمتين، جاء في روضة الطالبين: ويجوز أن يخلو الرجل بامرأتين ثقتين، لأن استحياء المرأة من المرأة أكثر من استحياء الرجل من الرجل، وراجعي الفتوى رقم: 9786.
وأما ما سمعت في الرقية عن سحر الأرحام والعاشق وسكن الأرحام، فلعل قائله يعني به السحر الصادر من فعل الأقارب أو السحر الموجود في بطن المسحورة أو رحمها، ويعني بالجن العاشق الجني الذي يعشق المرأة، وأما عن معرفة نوع السحر فليس عندنا ما يجزم به، فيمكنك استشارة بعض الرقاة في شأنه، وأما السحر في البطن فقد يكون المسحور أكل أو شرب شيئا وضع فيه سحر.
ولا حرج في دعاء المظلوم على الظالم ولو بالموت، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا بنجاة المظلومين، ودعا على ظالمهم، كما في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عليهم سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ.
قال بدر الدين العيني في شرح البخاري: وفيه الدعاء على الظالم بالهلاك، والدعاء للمؤمنين بالنجاة. اهـ، وروى مسلم في صحيحه عن عروة عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين"، فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت. اهـ.
وقال الناظم: وجاز أن تدعو على من ظلما ولو لغيرك بموت أو عمى.
والأفضل هو العفو عن الظالم فقد قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}، وإن لم تسامحيه فلا حرج عليك، ولا يجوز للمسلم الدعاء بالموت على نفسه إن لم يخف فتنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنينّ أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي.
هذا، وننبه إلى أنه لا يجوز لك اتهام شخص معين بأنه سحرك؛ لان الاتهام بالسحر دون بينة من الكبائر، ولا يجوز كذلك الدعاء على شخص معين إن لم تتحققي أنه ظلمك وسعى في إلحاق الضرر بك، وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات الطبية بموقعنا في شأن الآلام والأعراض والنحافة التي تعانين منها.
والله أعلم.