الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء على الظلمة جائز، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا بنجاة المظلومين، ودعا على ظالمهم، كما في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عليهم سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ.
قال بدر الدين العيني في شرح البخاري: وفيه الدعاء على الظالم بالهلاك، والدعاء للمؤمنين بالنجاة. اهـ.
وقد ذكر الخادمي في بريقة محمودية أن الدعاء على الظالم يجوز بقدر ظلمه، ولا يجوز الاعتداء، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا على الولاة الذين يشقون على الأمة، كما جاء في صحيح مسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم وغيره.
ولكن إذا ترتب على الدعاء على ظالم معين مفسدة، فإنه لا يباح حينئذ الدعاء عليه، وإنما يدعى على الظلمة جملة فيدخل فيه هذا الظالم، لأن من القواعد المقررة عند أهل العلم أن: درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وكذلك قاعدة سد الذرائع إلى المحرمات، وراجع في بيان معناها الفتويين رقم: 62533، ورقم: 51407.
والله أعلم.