الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديثين لا تعارض بينهما حتى يحتاجا إلى توفيق أو جمع، فمضمون كل منهما استحباب القعود في المصلى بعد صلاة الفجر، والترغيب في ذلك للذكر، والانتظار فيه إلى ما بعد طلوع الشمس لغاية حل النافلة، ففي الحديث الأول الترغيب في صلاة ركعتين بعد حل النافلة، وأن ذلك كأجر حجة وعمرة، وفي الثاني فعله صلى الله عليه وسلم والتصريح بجلوسه في مصلاه، ولفظه كما جاء في صحيح مسلم: كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا، وفي رواية له: فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، ولم يذكر فيه أنه صلّى بعد قيامه أو لم يصل، فيحتمل أنه قام للصلاة بعد الإشراق وإباحة النافلة، أو قام للانصراف إلى بيته ولم يصل؛ جاء في مرقاة المفاتيح للملا قاري قال: (فإذا طلعت الشمس قام) أي: لصلاة الإشراق، وهو مبدأ صلاة الضحى، أو معناه قام للانصراف. قال النووي: فيه استحباب الذكر بعد الصبح، وملازمته مجلسها ما لم يكن عذر. قال القاضي عياض: وكان السلف يواظبون على هذه السنة، ويقتصرون في ذلك على الذكر والدعاء حتى تطلع الشمس.
وعلى هذا فلا تعارض بين الحديثين، وبإمكانك العمل بهما بالجلوس في المصلى من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس حسناء، وصلاة ركعتين وهو الأفضل كما في الحديث الأول، أو الانصراف بدون صلاتهما كما يحتمله الحديث الثاني.
والله أعلم.