الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القول من الأب ظهار صريح معلق على دخول ابنته بيته، قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: "وإن قال: أنت حرام كأمي، فهو صريح في الظهار؛ لأنه لا يحتمل سوى التحريم" (الكافي في فقه الإمام أحمد 3/ 167)، والجمهور على أنّ الظهار يقع بحصول الشرط المعلّق عليه، وهذا هو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى رقم: 216022 .
وعليه؛ فالمفتى به عندنا أنّ البنت إذا دخلت بيت أبيها وقع الظهار، وحينئذ يجب على المظاهر الامتناع عن جماع زوجته حتى يكفر كفارة الظهار المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {المجادلة: 3}.
وننبه إلى أنّ الأب لا يملك منع ابنته من الرجوع لزوجها إن كانت في عصمته، وإذا طلقها وبانت منه ثم رضيت بالرجوع إليه بعقد جديد فلا يجوز للأب منعها منه، قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:232}، قال ابن كثير رحمه الله: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يَمْنَعُوهَا.
والله أعلم.