ليس لولي المرأة الحق في المنع من تزويجها من الكفء، بلا مسوغ شرعي

17-7-2014 | إسلام ويب

السؤال:
أنا معلمة عمري 33 سنة، تقدم لي العديد من الخطاب، ولكن الله لم يكتب نصيبا، إما لرفضهم أو عدم شعوري براحة، وكان ذلك قبل ست سنوات، وقبل أربع سنوات تقدم لي شاب من قبيلة أخرى فاستخرت الله فوجدت تقبلا كبيرا له، ولكن صدمني رفض والدي الشديد، حيث وضع في الشاب أسوأ العيوب، حتى في نسبه، رغم أنه أفضل منا نسبا، وكل مرة يأتي يرفضه، فكلمت إخواني وكان رأيهم من رأي أبي حتى لا يعصونه، ولأنهم وجدوا المنفعة من بقائي، وأشعر بحزن وهم وألم يعتصر قلبي، لاتكالهم الشديد علي في المال، لأني آخر أخواتي، وهذا يجعلني أموت ألف مرة، وأحتاج إلى زوج وعائلة، وأشتاق لطفل، وأتعذب عندما أرى أخواتي كل واحدة منهن بيدها طفل، وهن أصغر مني، ولا أحسدهم، ولكن لأن أبي حرمني تلك النعمة، ولا يعلم أبي ما بداخلي من نار تحرقني، وأغض عيني عن الحرام كي لا أقع فيه.
وقد تحدثت مع أمي ومع خالي، وأيضا لم يبق ذلك الخاطب أحدا إلا أرسله إلى والدي، وهو يرفض ويقول: الله كاتب لها ما يتقدم إلا هذا، لو فيه خير زوجناه، وانتظرنا خمس سنوات ولم يطرق بابنا أحد، وظللت أربع سنوات أطلب منهم بأني سأتحمل تبعات هذا الزواج، حيث لدي مال ولله الحمد، ولن يضرني بشيء، وإذا كان لديكم شروط فالرجل متمسك بي، اشترطوا عليه ما شئتم، وإن أرادني سيبقى، وإن كرهني سيرحل، ولكن أبي يرفض، وهو يعلم أنه ذو خلق ودين، وجاء له رجال دين كثيرون يتوسطون للخاطب، وإخواني الذين يرفضون لا أجدهم في حاجتي،
فكل منهم متزوج ولا يدفع ريالا واحدا، لا لأمي ولا لأبي، إلا بالطلب والإلحاح الشديد والغضب، وعذرهم أن لديهم معلمة ليس لديها التزامات.
يالله لو يعلمون كيف أقضي ليلي بالدعاء والبكاء، لا أحد يلومني فأنا بشر، والحاجة لزوج ليست أمرا بيدي ولا بيد أحد، فما الذنب لو أني طلبت العفاف؟ وما العيب في طلبي الستر؟ ومن شرع لهم الحق في الزواج والإنجاب وحرمني منه؟
شاب متمسك بي وأنا راضية به، وذو دين وخلق، لماذا المنع والتحجير؟ لا أريد أن أشتكي أهلي، ولا أريد أن أفعل شيئا يغضبهم، وأريد فقط أن أعيش مع رجل يحبني وأحبه، وأريد أن أكون بين أولادي، حيث انتصف العمر، وأهلي لا يهتمون إلا بشيء واحد، رجل تقدم لأجل راتبك وليس لأجلك، حسبي الله ونعم الوكيل، أريد حلا فما بقي لدي حل إلا الموت.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يفرج همك وينفس كربك ويرزقك الزوج الصالح والذرية الطيبة التي تقر بها عينك، فالزواج من الرزق، والأرزاق بيد الله تعالى، فنوصيك بالاستمرار في الدعاء والتضرع إليه سبحانه، وسيأتيك ما كتب لك، فلا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وكلما روعيت في الدعاء آدابه وشروطه، كان أرجى للإجابة. وانظري هذه الشروط والآداب في الفتوى رقم: 119608.

وليس لولي المرأة الحق في المنع من تزويجها من الكفء، إلا إذا كان له مسوغ شرعي، قال الشيخ ابن باز: الواجب على الأولياء تزويج مولياتهم إذا خطبهن الأكفاء لقول الله سبحانه: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» خرجه الإمام الترمذي وغيره. اهـ.

ولا ينبغي اليأس من محاولة إقناع وليك بالموافقة على زواجك من هذا الرجل، فإن أصر على الرفض فهو عاضل لك، فارفعي أمرك إلى القاضي الشرعي، ليأمره بتزويجك أو يأمر الولي الأبعد بتزويجك، أو يوكل من يزوجك، فهو الذي بإمكانه أن يزيل عنك الضرر، وليس في هذا شكاية لأهلك، أو عقوق للوالدين، فغاية ما فيه أنك تبتغين رفع الضرر عن نفسك، فإن أبيت هذا السبيل فما عليك إلا الصبر، وشغل نفسك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك، واحرصي على اجتناب مثيرات الشهوة، والعمل بما يضادها، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى رقم: 103381 ، واحرصي على البر بأبيك مهما أساء إليك، فإساءته لا تسقط بره.

وأما تمني الموت فمنهي عنه إلا لغرض صحيح، كخوف الفتنة في الدين ونحو ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 128697 ، والفتوى رقم: 42415.

وننبه إلى أنه إذا كان الوالدان فقيرين فنفقتهما واجبة على ولدهما: الرجال والنساء على حد سواء، وراجعي الفتوى رقم: 28372 ، والفتوى رقم: 134884.

والله أعلم.

www.islamweb.net