الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه في البداية على أن أكل الغائط, ونحوه من النجاسات أمر محرم شرعا, ومستهجن طبعا, ويأباه الذوق السليم فالنجس من الخبائث وهي محرمة في غير حالة الضرورة، ففي تفسير الرازي: وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ {الْأَعْرَافِ: 157} وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ كُلِّ الْخَبَائِثِ، وَالنَّجَاسَاتُ خَبَائِثُ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهَا.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى حُرْمَةِ تَنَاوُلِ النَّجَاسَاتِ. انتهى.
ثم إن أكل الغائط مبطل للصيام، فكل ما وصل إلى جوف الصائم مما يؤكل عادة، ومما لا يؤكل فإنه يبطل صومه، قال الشيرازي في المهذب: فإن استف ترابًا، وابتلع حصاة، أو درهماً أو ديناراً بطل صومه، لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف، وهذا ما أمسك, ولهذا يقال: فلان يأكل الطين، ويأكل الحجر، ولأنه إذا بطل الصوم بما يصل إلى الجوف مما ليس يؤكل كالسعوط، والحقنة وجب أيضاً أن يبطل بما يصل مما ليس بمأكول. انتهى.
وقال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب ـ رحمهم الله ـ إذا ابتلع الصائم ما لا يؤكل في العادة كدرهم ودينار أو تراب، أو حصاة، أو حشيشا، أو نارا، أو حديدا، أو خيطا، أو غير ذلك، أفطر بلا خلاف عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف. انتهى.
والله أعلم.