الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان اختلاف أهل العلم في عهد الله وأقوالهم في ذلك، فانظرها مفصلة في الفتوى رقم: 29746، وقد رجحنا فيها أن تلك العبارة تارة تكون يميناً ونذراً وتارة تكون يميناً فقط، فإن التزم بها الشخص قربةً فهي نذر ويمين، وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر.
وعليه، فالواجب أن تحافظ على الطاعة التي عاهدت الله عليها وفاء بعهدك ونذرك، فإذا قصرت في ذلك ولم تستطع الوفاء لزمتك كفارة يمين، وهي مبينة في الفتوى رقم: 2053.
ثم إن هذا العهد ينحل بأول حنث فيه وتلزم كفارة واحدة، كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى رقم: 236884.
وأما قولك: وهل أدخل في قوله سبحانه: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه؟ فالجواب أنه لا شك أن هذا النوع من عهد الله لازم يتحتم الوفاء به ويأثم من نقضه لغير عذر، لكن لا يظهر أن النقض هنا يدخل في حكم الآية الكريمة التي أشرت إليها، لأنها جاءت وصفا للكفار المعترضين على ضرب الله سبحانه وتعالى الأمثال في القرآن، وقد فسر العهد فيها بتفسيرات أشمل من محل السؤال، قال القرطبي في تفسيره: واختلف الناس في تعيين هذا العهد، فقيل: هو الذي أخذه الله على بني آدم حين استخرجهم من ظهره، وقيل: هو وصية الله تعالى إلى خلقه، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه على ألسنة رسله، ونقضهم ذلك ترك العمل به، وقيل: بل نصب الأدلة على وحدانيته بالسماوات والأرض وسائر الصنعة هو بمنزلة العهد، ونقضهم ترك النظر في ذلك، وقيل: هو ما عهده إلى من أوتي الكتاب أن يبينوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يكتموا أمره... إلى أن قال: وظاهر ما قبل وما بعد يدل على أنها في الكفار. اهـ.
والله أعلم.