الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك على ما وفقك الله له من الخير، والالتزام بالطاعات, والبعد عن المحرمات، وعليك أن تحمدي الله عليه، وتسأليه المزيد من إنعامه، والعون على شكره.
وعليك أن تحملي نفسك على التوبة الصادقة مما سبق، ومما يساعد على ذلك كثرة النظر في نصوص الترغيب والترهيب، ومما يساعد على الاستقامة قوة العزم على فعل الخير، واجتناب الشر كله، وحسبنا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز. رواه مسلم.
قال النووي: المراد بالقوة هنا عزيمة النفس، والقريحة في أمور الآخرة. ومعناه احرص على طاعة الله تعالى، والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك، ولا تعجز، ولا تكسل عن طلب الطاعة. اهـ.
وقال السعدي في التفسير: يجب على المسلم أن يتمثل أمر الله القائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. أي في جميع شرائع الدين، ولا يتركوا منها شيئا، وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه، إن وافق الأمر المشروع هواه فعله، وإن خالفه تركه، بل الواجب أن يكون الهوى تبعا للدين، وأن يفعل كل ما يقدر عليه من أفعال الخير. اهـ
وأما عن موضوع القلب: فإن أصل الصلاح هو صلاح القلب وطهارته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. متفق عليه.
فلا يمكن أن يستقيم حال العبد حتى يستقيم قلبه، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه. رواه أحمد وحسنه الألباني. ولذلك كان علاج الفتور وغيره من الآفات، إنما يبدأ بإصلاح القلب، وتنقيته من أمراضه، ثم مجاهدة النفس، والشيطان.
وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 47474، 17323، 19176، 36116.117730 .
والله أعلم.