الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللباس المذكور في الفتويين الأوليين ليس من لباس الشهرة الذي ذمَّ فَاعِله، لأنه ليس للشهرة والرياء والتكبر، وإنما هو لزيادة الستر والحياء المطلوب شرعا، وليس من الشهرة كذلك لبس الشخص زي بلاده، ما دام لا يقصد به التكبر والرياء.
وأما إن كان في بلد المرأة أو المكان الذي تسافر إليه المرأة من أنواع الثياب المباحة الساترة ما يلبسه البعض بحيث لا يستنكر لبسه، وتتوفر فيه ضوابط اللباس الشرعي، كستر العورة، وعدم التشبه بالكفار في ما يختصون به، ونحو ذلك ـ فالأولى الاقتصار على لبسه وعدم الخروج عن المعتاد، وإن كانت هناك حاجة كسهولة المشي ببعض الملابس فلا حرج ما لم تخش إيذاء أو اغتياب الناس لها، فقد قال ابن بطال في شرح البخاري: الذي ينبغي للرجل أن يتزيا في كل زمان بزي أهله ما لم يكن إثما، لأن مخالفة الناس في زيهم ضرب من الشهرة. اهـ.
وقال ابن القاسم في حاشية الروض المربع: قال ابن القيم: كان هديه صلى الله عليه وسلم في اللباس مما يسره الله ببلده... وقال ابن عقيل: لا ينبغي الخروج عن عادات الناس إلا في الحرام. اهـ.
ولئلا يحملهم على غيبته، وفي الغنية: الشهرة كالخروج عن عادة أهل بلده وعشيرته، فينبغي أن يلبس ما يلبسون، لئلا يشار إليه بالأصابع. اهـ.
وقال الدكتور ناصر الغامدي في رسالته للدكتوراه: لباس الرجل أحكامه وضوابطه: لباس الشهرة يختلف من زمن لآخر فما يُعد في زمن شهرة قد لا يعد في زمن آخر كذلك، وما يُعتبر شهرة في بلد أو مجتمع قد لا يكون كذلك في غيره من البلاد والمجتمعات، ومن الضوابط في لباس الشهرة ما يلي:
1ـ أن يلبس الشخص خلاف زيّه ولباسه المعتاد لقصد الاشتهار، فإن هذا تشهير بنفسه، وتفطين إليها، كما لو لبس الإنسان ثوبا مقلوبا أو لباسا لا يلبس مثُله مثله.
2ـ أن يلبس الشخص خلاف زيّ أهل بلده من غير حاجة تدعو إلى ذلك... اهـ.
والله أعلم.