الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستغفار المطلق لتكفير جميع ذنوب العاصي يكفي إذا توفرت معه شروط التوبة النصوح الواجبة من جميع الذنوب وهي: الندم على فعل الذنب، والإقلاع عنه إن كان متلبسا به خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليه، مع رد المظالم إلى أهلها أو استحلالهم منها، أي: طلب المسامحة منهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ. رواه مسلم.
وحقوق الناس لا بد من أدائها أو التحلل منها، ولا تكفي فيها التوبة والاستغفار، لما جاء في الحديث: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. خرجه البخاري.
وإذا لم تتوفر شروط التوبة من رد المظالم، فإن الاستغفار المطلق أو قول: اللهم اغفر لفلان واغفر لفلان لا يكفي ؛ فقد جاء في الحديث: الظلم ثلاثة: فظلم لا يتركه الله، وظلم يغفر، وظلم لا يغفر، فأما الظلم الذي لا يغفر؛ فالشرك لا يغفره الله، وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه، وأما الظلم الذي لا يترك ؛ فظلم العباد فيقتص الله لبعضهم من بعض. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة .
وإذا كان حق الآدمي من جهة العرض، وخشيت إن أخبرته أن يحدث ذلك ضررا أكبر، فإنك تكتفي بكثرة الاستغفار والدعاء له وذكر محاسنه، وخاصة في الأماكن التي اغتبته فيها، أو نلت من عرضه فيها.
وأما الدعاء للجميع ولمن آذاك وآذيته فإنه لا يغني عن التوبة، ولا عن أداء حقوق الناس إليهم - كما أشرنا - ولكن لك فيه الخير والأجر؛ كما جاء في الحديث: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: إسناده جيد.
والله أعلم.