الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإننا فهمنا من السؤال أن الميت خلف ابنا أي ذكرا، وبنتين أي أنثيين، وولدا خنثى.
فإن كان هذا هو المقصود، ولم يترك الميت من الورثة غيرهم. فإن تركته لهم تعصيبا، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... { النساء: 11 }.
والعلماء مختلفون في كيفية توريث الخنثى.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْخُنْثَى يَرِثُ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى عَمَلاً بِالشَّبَهَيْنِ، وَهَذَا قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَهْل الْمَدِينَةِ، وَمَكَّةَ، وَالثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَوَرَّثَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَقَل النَّصِيبَيْنِ احْتِيَاطًا، وَيُعْطِيهِ الشَّافِعِيَّةُ الْيَقِينَ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ الأْمْرُ، أَوْ يَصْطَلِحُوا. اهــ.
وتفصيل مذهب الحنابلة أنه إذا كان يرجى انكشاف أمره، أعطي كل وارث الأقل له، ويوقف الباقي إلى انكشاف أمر الخنثى، فيأخذ نصيبه، ويوزع الباقي بناء على ما ظهر من أمر الخنثى.
وإن كان لا يرجى انكشاف أمره، أعطي نصف ميراث ذكر، ونصف ميراث أنثى.
وعلى هذا القول فإننا نذكر قسمتين:
الأولى: إذا كان يرجى انكشاف أمره، تقسم التركة على ثلاثين سهما، فيعطى الابن منها عشرة أسهم، وتعطى كل بنت خمسة أسهم، وتوقف عشرة أسهم حتى ينكشف حال الخنثى، فإن ظهر أنه ذكر أخذ كل الموقوف، وإن تبين أنه أنثى أخذ من الموقوف ستة أسهم، وزيد للابن سهمان، وزيد لكل بنت سهم واحد.
الثانية: إذا كان لا يرجى انكشاف أمره، قسمت التركة على ستين سهما، للابن منها اثنان وعشرون سهما، ولكل بنت منها أحد عشر سهما، وللخنثى منها ستة عشر سهما.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً، وشائك للغاية؛ وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء، والأموات.
والله أعلم.