الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الحديث: إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي تبارك الذي بيده الملك. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه، وحسنه الألباني.
ولم يأت في هذا الحديث تقييد لوقت قراءتها، ولم نر من شراح الحديث من قيدها بوقت، فقد قال الزرقاني: وأخرج عبد بن حميد والطبراني والحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل: اقرأ تبارك الذي بيده الملك، فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقاريها، وتطلب له أن ينجيه من عذاب الله وينجو بها صاحبها من عذاب القبر ـ وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن مرة قال: كان يقال: إن من القرآن سورة تجادل عن صاحبها في القبر تكون ثلاثين آية، فنظروا فوجدوها تبارك، قال السيوطي: فعرف من مجموعها أنها تجادل عنه في القبر وفي القيامة لتدفع عنه العذاب وتدخله الجنة. اهـ.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قوله: قال: إن سورة ـ أي عظيمة من القرآن أي كائنة من القرآن، ثلاثون آية خبر مبتدأ محذوف أي هي ثلاثون، والجملة صفة لاسم إن شفعت بالتخفيف خبر إن، وقيل خبر إن هو ثلاثون، وقوله: شفعت خبر ثان لرجل حتى غفر له، متعلق بشفعت، وهو يحتمل أن يكون بمعنى المضي في الخبر يعني كان رجل يقرؤها ويعظم قدرها فلما مات شفعت له حتى دفع عنه عذابه، ويحتمل أن يكون بمعنى المستقبل أي تشفع لمن يقرؤها في القبر أو يوم القيامة، وهي تبارك الذي بيده الملك أي إلى آخرها. انتهى.
ولكن من السنة قراءتها كل ليلة، لما رواه أحمد والترمذي عن جابر ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ: الم تنزيل، وتبارك الذي بيده الملك. وهو حديث صحيح صححه غير واحد من أئمة أهل العلم منهم الألباني في صحيح الجامع.
ولذلك يستحب قراءتهما قبل النوم كل ليلة لفعله صلى الله عليه وسلم.
وأما قراءتها في الصباح: فالأصل فيه الجواز، وأما المداومة عليه، فقد ذكر أهل العلم أن تخصيص وقت معين لقراءة بعض السور بغير دليل صحيح من البدع الإضافية، فإن العبادة مبناها على التوقيف فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه أو على لسان رسوله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم.
قال الإمام الشاطبي في الاعتصام: ومنها ـ أي البدعة الإضافية ـ التزام العبادة المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة. انتهى.
والله أعلم.