الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بحرصك على الاستقامة على دينك، فنسأل الله أن يجزيك خيرا ويزيدك هدى وتقى وصلاحا، وفي المقابل قد أسأت حين بحت لابنة عمك بحبك لها، وأساءت هي أيضا بفعلها مثل ما فعلت، فإنها أجنبية عنك، فلا يجوز أن تتبادل معها عبارات الحب ونحو ذلك، فالواجب التوبة وعدم العودة لمثلها مستقبلا، والنكاح من الأمور التي تنبغي المبادرة إليها فهو من الخير، وفيه كثير من المصالح للمسلم في دينه ودنياه، وما يدري المرء ما يمكن أن يعرض له، ولا ينبغي أن تكون الدراسة عائقا يحول دون إتمام النكاح، وانظر الفتويين رقم: 219301، ورقم: 73333.
ومن لم يكن قادرا على مؤنته لضيق ذات يده فلا نرى له أن يخطب أو يعقد على زوجته من غير دخول إذا كان الأمد سيطول ولا يتم النكاح، فمن خلال واقع الناس أن مثل هذا قد يؤدي إلى كثير من المشاكل التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى القطيعة والتباغض، ووقوع مثل هذا بين ذوي الرحم عواقبه خطيرة، فالأولى أن يذهب كل في سبيله، فإن تيسر بعد ذلك النكاح كان أمرا حسنا، وإذا كنت مصرا على أن يتم العقد أو الخطبة الآن فاحرص على أن يتم التوافق بين الطرفين ـ نعني أباك من جهة وأهل ابنة عمك من الجهة الأخرى ـ فإن استمر الخلاف فقدم طاعة أبيك، وهو قد يكون في هذا أبعد نظرا منك، سئل الشيخ ابن باز: ما حكم الزواج بغير موافقة الوالد؟ فأجاب: المشروع للمؤمن أن يتحرى موافقة الوالد، لأن بره من الواجبات، وكذلك الوالدة، يشاورهم يجتهد لأنه والد، والوالد قد يبدو له ما لا يدركه الولد....اهـ.
ولعل الله تعالى أن يبارك لك بسبب برك بأبيك، ويفتح لك من أبواب الخير في دراستك وزواجك وغير ذلك من أمور حياتك ما لا يخطر لك على بال.
والله أعلم.