الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص المنفرد في غابة, أو غيرها، يستحب له رفع الصوت بالأذان إذا حان وقت الصلاة, جاء في المغني لابن قدامة: والأفضل لكل مصل أن يؤذن ويقيم إلا أنه إن كان يصلي قضاء، أو في غير وقت الأذان، لم يجهر به.
وإن كان في الوقت، في بادية، أو نحوها، استحب له الجهر بالأذان؛ لقول أبي سعيد: إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وفي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: والمعنى أنه يندب الأذان للفذ إن سافر عن الحاضرة، أي إن كان بفلاة من الأرض، فليس المراد بالسفر السفر الشرعي، بل اللغوي. انتهى.
أما ما تقوم به من الذهاب للغابة، والأذان فيها, ثم ترجع للصلاة في منزلك, فلم نقف على ما يدل على مشروعيته, ولم يثبت عن أحد من الصحابة, ولا من بعدهم من السلف الصالح, فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أرشد أبا سعيد الخدري في الحديث السابق إلى رفع صوته بالأذان ليشهد له من يسمع صوته, ولم يرشده إلى الذهاب إلى أكبر قدر ممكن من الأشجار, أو نحوها.
وفي المنتقى للباجي المالكي: وقوله «فارفع صوتك بالنداء» أمره برفع صوته بالإعادة ليسمعه من بعد عنه، وتعلم بذلك حاله، وجعل له على ذلك من الأجر أن يشهد له يوم القيامة من سمع صوته من جن، وإنس، وقوله: ولا شيءٌ: يحتمل أن يريد به سائر الحيوان؛ لأنه الذي يصح أن يسمع صوته، ومعنى فائدة المؤذن في ذلك أن يكون من يشهد له به أعظم أجرًا في الآخرة ممن أذن فلم يسمعه من يشهد له به. اهـ
وفي فتح الباري لابن حجر: وفي الحديث استحباب رفع الصوت بالأذان ليكثر من يشهد له ما لم يجهده أو يتأذى به. انتهى.
فالذي ننصحك به هو رفع الأذان في مكان إقامتك، ولا تذهب للأذان في الغابة المذكورة.
والله أعلم.