الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المفتى به عندنا أنه يجب التسوية بين الأبناء في العطية، وهو مذهب الحنابلة، خلافا للجمهور، كما سبق في الفتوى رقم: 104031 .
لكنه يجوز التفضيل لمسوغ كحاجة الولد ونحو ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده؛ لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك؛ لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه. ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل، أو التخصيص على كل حال؛ لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل بشيرا في عطيته، والأول أولى إن شاء الله؛ لحديث أبي بكر - يعني ما ورد أن أبا بكر - رضي الله عنه - نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقا، دون سائر ولده -، ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية، فجاز أن يختص بها، كما لو اختص بالقرابة. وحديث بشير قضية في عين لا عموم لها، وترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستفصال يجوز أن يكون لعلمه بالحال. اهـ.
وفي حال كون التفضيل غير سائغ، ولم يرض إخوتك به، فيجب عليك رد ما فضلت به إلى والدتك، أو مقاسمة أخوتك فيه.
قال ابن تيمية: ولا يجوز للولد الذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يرد ذلك في حياة الظالم الجائر، وبعد موته، كما يرد في حياته في أصح قولي العلماء. اهـ.
وقال: لا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ. من مجموع الفتاوى.
ويسوغ رد ما فضلت به بإيداعه في حساب والدتك دون علمها، لكن لا يجوز لك أخذه من حسابها بعد ذلك بدون علمها.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 6242 ، والفتوى رقم: 122839 .
والله أعلم.