الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما اشتُرِيَ من تلك البهائم بنية الاستفادة من لبنه بيعا وشربا لا بنية الاتجار وتربص السوق به، فإنه لا زكاة فيه لكونها للقنية، وليس من عروض التجارة، والقنية في اصطلاح الفقهاء معناها: حبس المال للانتفاع لا للتّجارة ـ ولا يضر كونه ينوي بيعها عند عدم الحاجة إليها، ولا تكون بهذا عرضا للتجارة، لأنه ربما تستمر حاجته بها فلا يبيعها ولا نية تجارة مع التردد، ولكن يزكي ثمن لبنها إذا تجمع منه ما يبلغ النصاب بنفسه أو بما عند صاحبها من نقود أخرى أو ذهب أو فضة فيزكيه بعد حولان الحول على النصاب، وما اشتري بنية بيعه عند ارتفاع سعره وتربص السوق به، فإنه يعتبر من عروض التجارة فيزكَى كل سنة إن بلغ قيمته نصابا بنفسه أو بما عند صاحبه من نقود أخرى أو ذهب أو فضة، وما يجنيه من نقود من بيع لبنه يعتبر فائدة يستقبل بها حولا، فإن بقي لحول أخرج منه ربع العشر، وقد نص الفقهاء على أن غلة المشترى للتجارة فائدة يستقبل بها حولا، جاء في الشرح الصغير للدردير المالكي: غَلَّة مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ أَوْ مُكْتَرًى لِلْقِنْيَةِ ـ كَالسُّكْنَى أَوْ الرُّكُوبِ ـ فَأَكْرَاهُ لِأَمْرٍ حَدَثَ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا، لِأَنَّهَا مِنْ الْفَوَائِدِ. اهـ.
والله أعلم.