الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن الرياء شأنه خطير، بل هو أخوف ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته كما صح بذلك الخبر، وكثيرا ما يقع لأهل الاستقامة، وهو كما قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء : الرياء هو الداء الدفين الذي هو أعظم شبكة للشياطين ... اهــ .
وأما كيفية تجنبه؟ فإن من أعظم ما يعينك على الإخلاص لله ودفع الرياء عند الإمامة أن تعلم أنك واقف بين يدي الله تعالى، وأنه يعلم ما في قلبك ويسمع تلاوتك فهو أولى جل وعلاه أن يلتفت إليه قلبك من الناس.
وإننا ننصحك بقراءة ما كتبه الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه الإحياء ، فقد عقد بابا في بيان ذم الرياء وحقيقته وأنواعه ودرجاته، وعقد في آخره فصلا مهما نافعا في ( بَيَانُ دَوَاءِ الرِّيَاءِ وَطَرِيقِ مُعَالَجَةِ الْقَلْبِ فِيهِ ) وذكر أن علاجه له مقامان (أَحَدُهُمَا: قَلْعُ عُرُوقِهِ وَأُصُولِهِ الَّتِي مِنْهَا انْشِعَابُهُ ، وَالثَّانِي: دَفْعُ مَا يَخْطُرُ مِنْهُ فِي الْحَالِ ) وذكر من طرق علاجه والبعد عنه :
1) أن يعلم العبد ما فيه من المضرة، فيعرف مَضَرَّةَ الرِّيَاءِ، وَمَا يَفُوتُهُ مِنْ صَلَاحِ قَلْبِهِ، وَمَا يَحْرُمُ عَنْهُ فِي الْحَالِ مِنَ التَّوْفِيقِ، وفي الآخرة من المنزلة عند الله، وما يتعرض له من العقاب العظيم والمقت الشديد والخزي الظاهر، فإذا علم ذلك فَتَرَتْ رَغْبَتُهُ وَأَقْبَلَ عَلَى اللَّهِ قَلْبُهُ، فإن العاقل لَا يَرْغَبُ فِيمَا يَكْثُرُ ضَرَرُهُ وَيَقِلُّ نَفْعُهُ .
2) أَنْ يُعَوِّدَ نَفْسَهُ إِخْفَاءَ الْعِبَادَاتِ وَإِغْلَاقَ الْأَبْوَابِ دُونَهَا كَمَا تُغْلَقُ الْأَبْوَابُ دُونَ الفواحش، حتى يقنع قلبه بعلم الله أو اطلاعه على عباداته، ولا تنازعنه النفس إلى طلب علم غير الله به .
وعقد بابا أيضا عن العجب وعلاجه، فننصحك أخي السائل أن تقرأ ذلك الفصل كاملا لعل الله أن ينفعك بما فيه .
وأما هل تتوقف عن الإمامة خوفا من الرياء ؟ فالجواب أن لا، بل نوصيك بأن تجتهد في تحقيق الإخلاص وتؤم الناس، لا سيما مع ما ذكرته من عدم وجود من يصلح للإمامة، ولو أن كل من خاف من الرياء والعجب ترك الإمامة لما وجدنا صالحا يؤم المصلين ، وانظر الفتوى رقم: 123067 .
والله تعالى أعلم.