الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتلفظ بالطلاق حال الغضب ليس بمانع من نفوذ الطلاق إلا إذا بلغ الغضب حداً سلب صاحبه الإدراك وغلب على عقله، وانظري الفتوى رقم : 98385.
وعليه، فإن كان زوجك تلفظ بصريح الطلاق مدركا لما يقول فطلاقه نافذ، ولا عبرة بكونه لم يقصد الطلاق، وإنما قصد التهديد، فإنّ صريح الطلاق يقع بغير نية، ولا بكونه يجهل أحكام الطلاق، ولا بكونه تلفظ به بلغة غير العربية، فالراجح عندنا أنّ التلفظّ بصريح الطلاق بأي لغة كالتلفظ به بلغة العرب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ يُثْبِتُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنْ اللُّغَاتِ : إذْ الْمَدَارُ عَلَى الْمَعْنَى "
قال الخطيب الشربيني (الشافعي) : " (وترجمة ) لفظ ( الطلاق بالعجمية صريح على المذهب ) لشهرة استعمالها في معناها عند أهلها شهرة استعمال العربية عند أهلها "
أما الطلاق السابق الذي ينكره الزوج، فما دمت غير متيقنة من وقوع طلقتين، فلا تلتفتي للشك، ولا تحتسبي إلا الطلقة التي لا تشكين فيها، قال ابن قدامة –رحمه الله- : " ومن شك في الطلاق أو عدده أو الرضاع أو عدده بنى على اليقين"
واعلمي أنّ الأصل عند اختلاف الزوجين في الطلاق، تقديم قول الزوج، وهذا في القضاء، أما فيما بينهما وبين الله، فإنّ الزوج إذا علم صدق زوجته وجب عليه العمل بقولها، ففي الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي -رحمه الله- (باختصار) : " وسئل عن شخص أخبرته امرأة أو امرأتان وقع في قلبه صدقها أو صدقهما بأنه طلق زوجاته لكن لم يتذكر ذلك .........(فأجاب) بقوله لا يلزمه فراق بمجرد الإخبار المذكور؛ إلا إذا وقع في قلبه صدق المخبر..... "
والخلاصة أنه إذا لم يكن قد وقع من زوجك طلاق سوى ما ذكرت في سؤالك، فإنك لم تبيني منه، والعصمة باقية.
لكن على زوجك أن يكون حذراً، ولا يسارع إلى التلفظ بالطلاق عند الغضب.
والله أعلم.