الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة الوتر، فذهب جمهورهم وهم: المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنها سنة مؤكدة وليست واجبة، للأحاديث الكثيرة التي دلت على أن الصلوات المفروضة خمس، كحديث معاذ لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فكان مما قاله له: ....فإن هم أطاعو لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.... الحديث، رواه البخاري وغيره.
وذهب أبو حنيفة إلى وجوب الوتر واحتج بأحاديث ورد فيها الأمر بالوتر، كقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة. رواه البخاري وغيره.
والجمهور يحملون هذه الأحاديث على تأكيد استحبابها وبيان فضيلتها، ومذهبهم هو الراجح.
وأما القنوت في الوتر: فقد ذهب بعض أهل العلم إلى استحبابه في النصف الثاني من شهر رمضان، وهذا مذهب الشافعي ورواية عن مالك وأحمد رحمهم الله تعالى، وذهب الحنابلة والحنفية إلى أن القنوت في الوتر مسنون في السنة كلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما القنوت في الوتر فجائز وليس بلازم فمن أصحابه - أي النبي صلى الله عليه وسلم- من لم يقنت، ومنهم من قنت في النصف الأخير من رمضان، ومنهم من قنت السنة كلها، والعلماء منهم من يستحب الأول كمالك، ومنهم من يستحب الثاني كالشافعي وأحمد في رواية، ومنهم من يستحب الثالث كأبي حنيفة والإمام أحمد في رواية. والجميع جائز فمن فعل شيئاً من ذلك فلا لوم عليه). انتهى من الفتاوى الكبرى.
وقد ثبت في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يوتر فيقنت قبل الركوع. وصححه الألباني.
وثبت عند الترمذي أنه علَّم الحسن رضي الله عنه الدعاء في القنوت، فقد روى هو وأحمد وغيرهما عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت...... الحديث.
والله أعلم.