الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس غريبًا أن يحدث خلاف بين الزوجين، أو أن تكون هنالك مشاكل في الحياة الزوجية، ولكن الغريب أن لا يحكم الزوجان فيها العقل، ويتريثا ويذهبا في طريق الإصلاح الذي ندب إليه الشرع، وأخبر أنه خير؛ قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، وقال أيضا: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}، ووجود الأولاد يجعل أمر الصلح أدعى، ففي الفراق أثر سلبي كبير على الأولاد في الغالب، ويؤثر على نشأتهم نشأة سوية.
ومن هنا نرى أن يجلس العقلاء من أهلك، وأهل زوجك للتوفيق والإصلاح؛ ليلتئم شمل الأسرة، ويهنأ الأولاد بأبوين كريمين، متوافقين، ويعيشون معهما في جو الدفء والحنان، ويستشعرون فيه نعيم حسن توجيه وتربية الآباء، فتقر أعين الجميع، وينبغي استحضار الدعاء، فهو السلاح الفعال الذي قد يحقق به المسلم من الأمور ما لا يخطر له على بال؛ قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، فاستعيني بالله، واسعي في طريق الإصلاح.
واعلمي أنه يجب على الزوجة أن تقيم حيث يقيم زوجها، ولا يجوز لها الامتناع عن ذلك إلا لعذر، كأن لا يكون محل الإقامة آمنًا، وتخشى فيه على نفسها وولدها؛ وراجعي الفتوى رقم: 72117، وما ذكرت من أنه كان لا يحدثك، لا يسوغ لك الامتناع عن الإقامة معه، والامتناع في هذه الحالة يجعلك ناشزًا.
وأما إذا كان يترك الإنفاق عليك، وعلى ابنتك مع قدرته عليه، فهو آثم بذلك ومفرط، والحامل تستحق النفقة، سواء كانت ناشزًا أم غير ناشز، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 159665.
وقولك: "هل لو خلعته في قطر ذلك يوفر لي حق حضانة بناتي في قطر" جوابه أنه إذا عزمت على الإقامة في قطر، فإن الحضانة تكون للأب، فجمهور الفقهاء على أنه إذا انتقل أحد الأبوين سفر نقلة، واستقرار، فإن الحضانة تكون للأب، واستثنى بعضهم الرضيع، وأنه يكون مع أمه، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 134074.
وقولك: "وهل يسقط ما عليه من نفقتهن لخروجي بهن من مصر دون إذنه" جوابه أن نفقة الأولاد على الأب ما داموا مستحقين لها، لا يسقطها عنه سفر الأم بهم، ونحو ذلك.
وراجعي الفتوى رقم: 230161.
والله أعلم.