الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسن الظن بالله جل وعلا يقتضي أن يوقن الإنسان بأن اختيار الله وتدبيره لعبده خير من اختيار العبد وتدبيره لنفسه، فليس كل ما يتمناه الإنسان يكون الخير فيه بالضرورة، وإنما قد يكون الخير فيه وقد يكون في غيره، قال الله عز وجل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
فلا يستقيم للإنسان حسن ظنه بربه حتى يفوض إليه أمره، ومن ذلك تفويض الأمر إليه في الزواج وغيره، مع الدعاء والأخذ بالأسباب، والثقة في أن اختيار الله هو الأفضل سواء في ذلك إنجاز الزواج أو تأخيره أو عدمه، يقول ابن القيم رحمه الله: فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه، ولذلك فسر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله، والتحقيق: أن حسن الظن به يدعوه إلى التوكل عليه، إذ لا يتصور التوكل على من ساء ظنك به، ولا التوكل على من لا ترجوه.
ويقول عن التفويض: وهو روح التوكل ولبه وحقيقته، وهو إلقاء أموره كلها إلى الله وإنزالها به طلبا واختيارا، لا كرها واضطرارا، بل كتفويض الابن العاجز الضعيف المغلوب على أمره كل أموره إلى أبيه العالم بشفقته عليه ورحمته وتمام كفايته وحسن ولايته له وتدبيره له، فهو يرى أن تدبير أبيه له خير من تدبيره لنفسه، وقيامه بمصالحه وتوليه لها خير من قيامه هو بمصالح نفسه وتوليه لها، فلا يجد له أصلح ولا أرفق من تفويضه أموره كلها إلى أبيه وراحته من حمل كلفها وثقل حملها، مع عجزه عنها وجهله بوجوه المصالح فيها، وعلمه بكمال علم من فوض إليه وقدرته وشفقته.
وانظري للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 192433، 131535، 244780، وإحالاتها.
والله أعلم.