الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الولع بجمال النساء من أعظم البلاء، ومن أخطر الفتن وأشدها على الشباب، فقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء. متفق عليه. وقال: إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ. رواه مسلم.
وقال الشاعر:
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتـك الســهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على الخطر
واعلم أن آثار ذلك لا تقف عند العادة السرية، بل تمتد إلى ما هو شر من ذلك وأخبث، فاتق الله، وتذكر قول الله جل وعلا: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور:33}، وقوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}. وقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. متفق عليه.
ولا تغتر بجمال زائل، فإنما هي فتنة وابتلاء، ونذكرك بنصيحة ابن الوردي في لاميته حيث قال:
واتــرُكِ الـغــادَةَ لاَ تـحـفـلْ بـهــا * تُـمـسِ فــي عِــزٍّ رفـيــعٍ وتُـجَــلْ
وَافتَكـرْ فـي مُنتهَـى حُسـنِ الْــذَّي * أنْــتَ تـهَـواهُ تـجـدْ أمـــراً جَـلَــلْ
واستعن على غض البصر بالنصائح المذكورة في الفتوى رقم: 192683.
وأما ثمرات غض البصر ابتغاء مرضاة الله فكثيرة، ذكرنا طرفا منها في الفتوى رقم:78760، فانظرها للأهمية.
وهل من تلك الثمار أن ترزق زوجة حسناء في الدنيا، أجمل ممن رأيت؟
الجواب : هذا من الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله؛ قال تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا {لقمان:34}. غير أنه ما من شك أن من ترك شيئا ابتغاء مرضاة الله، عوضه الله خيرا منه، فقد قال النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ. رواه أحمد وصحح إسناده الألباني. على أن جمال الزوجة ليس أهم صفاتها؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ. فجمال الخُلُق، والتدين أحلى من جمال الظاهر، وأدوم وأوثق لعرى المحبة بين الزوجين.
وأخيرا فاعلم أن العادة السرية عادة خبيثة، منكرة لها آثارها السيئة على فاعلها، في دينه، ونفسيته، وصحته، وهي لا تعالج مشكلة الشهوة كما يتوهم البعض، وقد سبق بيان تحريمها في الفتوى رقم: 21512، وسبق بيان كيفية التخلص من هذه العادة في الفتوى رقم: 5524، والفتوى رقم: 7170. نوصيك في الختام بقراءة الكتاب القيم لابن القيم: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) أو باختصار (الداء والدواء).
والله أعلم.