الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم: هل يحصل البر للحالف بفعل بعض ما حلف عليه أم لا يبر إلا بفعله كله؟ ولكن محل الخلاف إنما هو حيث لم تكن للحالف نية، أو قرينة تدل على إرادة الكلّ، أو البعض.
أما إذا كانت للحالف نية، أو اقترن باليمين ما يعين إرادة الكل أو البعض، فنيته، أو القرينة هما المعول عليهما.
قال ابن قدامة في المغني: وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ، فَأَمَّا إنْ نَوَى الْجَمِيعَ، أَوْ الْبَعْضَ، فَيَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَى، وَكَذَلِكَ إنْ اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِهِ. اهـ.
ولذلك فما دامت نيتك غسل الأواني كلها، فإنه لا يكفي في إبرار يمينك غسل بعض الأواني، وإذا كان الوقت المقصود وقوع ذلك فيه قد فات، فإنك تكونين قد حنثت في يمنك، ولزمتك كفارة يمين، ولا يعفيك من الحنث والكفارة قسم أمك على تركها، أو وجوب برها وطاعتها، فما دام الحنث قد حصل منك، فقد لزمتك الكفارة على كل حال.
قال ابن قدامة في المغني: وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، فَحِنْثَ، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، سَوَاءٌ كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ وَاجِبَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ. اهـ.
والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي شيئًا من ذلك فبصيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.