الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن إنكار المنكر إنما يجب إذا كان المنكر المعمول حراما, وأما إذا كان مكروها ولا يصل إلى درجة التحريم، فإنه يُستحب إنكاره، ولا يجب.
جاء في حاشية الشرواني على التحفة: وَالْمُنْكَرُ إنْ كَانَ حَرَامًا وَجَبَ النَّهْيُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ مَنْدُوبًا. وَشَرْطُهُ أَيْ شَرْطِ وُجُوبِهِ، وَنَدْبِهِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى الْفِتْنَةِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَيْهَا، لَمْ يَجِبْ، وَلَمْ يُنْدَبْ بَلْ رُبَّمَا كَانَ حَرَامًا ... اهــ.
وقد ذكروا أيضا أن التشويش على المصلي بالقراءة مكروه, وقيل يحرم.
قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَكُرِهَ رَفْعُ صَوْتٍ بِقِرَاءَةِ تُغَلِّطُ الْمُصَلِّينَ لِاشْتِغَالِهِمْ, وَيَتَّجِهُ التَّحْرِيمُ: أَيْ: تَحْرِيمُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةٍ تُغَلِّطُ الْمُصَلِّينَ لِلْإِيذَاءِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ لَهُمْ الْقِرَاءَةُ إذَنْ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. اهــ.
وفرق بعضهم بين التشويش الشديد، فيحرم، وبين ما هو دونه فيكره.
جاء في شَرح المُقَدّمَة الحضرمية من كتب الشافعية: ويحرم على المصلي حيث لا عذر الجهر في الصلاة، وخارجها إن شوش على غيره من مصل أو قارئ وغيرهما؛ للضرر ... وهذا إن اشتد التشويش، وإلا .. فهو مكروه ... اهــ مختصرا.
فعلى القول بالكراهة، فإنه يندب لك أن تنكر على من شوش عليك في الصلاة برفع الصوت بالتشهد.
والله أعلم.