الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر الحديث لا يتناول زيارة الكافر؛ لأنه قال "يعود مسلماً"، ولذا نص العلماء على التفريق بين حكم عيادة المسلم، وعيادة الكافر؛ فالأولى مستحبة، أو فرض كفائي، والثانية مباحة، ومنهم من منعها، وراجع الفتويين : 122216، 24225 ، وقال النووي في المجموع: وأما الذمي فَقَدْ أَشَارَ صَاحِبُ الشَّامِلِ إلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ عِيَادَتُهُ فَقَالَ يُسْتَحَبُّ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ قَوْلَ صَاحِبِ الشَّامِلِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّ عِيَادَةَ الْكَافِرِ جَائِزَةٌ وَالْقُرْبَةَ فِيهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى نَوْعِ حُرْمَةٍ يَقْتَرِنُ بِهَا مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ مُتَعَيَّنٌ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ " كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رأسه، فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع ابا القاسم، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ .انتهى
وقال البهوتي في كشاف القناع : ( ويحرم تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم ) لأنه تعظيم لهم أشبه السلام ( وعنه تجوز العيادة ) أي عيادة الذمي ( إن رجي إسلامه فيعرضه عليه واختاره الشيخ وغيره ) انتهى.
وقد يؤجر من عاد مريضا كافرا على تأليف قلبه على الإسلام، وفضل الله واسع.
والله أعلم.