الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخوف من الرياء أمر مشروع، ولكن ترك العمل بسبب الخوف من الرياء يعد من حيل الشيطان على العباد، فلا ينبغي أن يترك المسلم الطاعة، وينقطع عنها؛ خوفًا من الرياء، وعليه المجاهدة لتصحيح النية، لا أن يترك العمل, وأن يستعين بالإكثار من اللجوء إلى الله تعالى ودعائه أن يصرف الرياء عنه، ويدعو بالدعاء الجليل الذي علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد في مسنده.
وقد كان من دعاء عمر - رضي الله عنه -: اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا.
وقال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
وأما عن تعليق الصور: فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يجوز وضع الصور الفوتوغرافية على الجدران؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى تعظيمها، لا سيما إذا كان صاحب الصورة له مكانة في نفوس أهل البيت الذين علقوا صورته، كأن يكون عالمًا متبعًا، أو عابدًا معروفًا، أو يكون ممن يفتتن ضعاف النفوس به من الممثلين أو المغنين، أو كانت الصورة صورة والده، أو والدته، وذهب المالكية إلى كراهية تعليق الصور التي لا ظل لها، وقد رجح النووي، وابن حجر، والشوكاني، والمباركفوري في تحفة الأحوذي مذهب الجمهور، وقد أفتى بتحريم تعليق الصور كثير من العلماء المعاصرين، منهم: الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وعللوا ذلك بأنه قد يؤدي للتعظيم والغلو.
وأما إذا أمنت الفتنة، ولم يؤد تعليقها إلى تعظيمها، فلا حرج فيه ـ إن شاء الله تعالى ـ وإن كان الأولى والأحوط هو عدم التعليق.
وعليك ببذل الوسع، والاجتهاد في إقناع الأهل بنزع هذه الصور، أو إخراجها من المنزل ما لم يؤد ذلك إلى منكر أعظم منه.
فإن خشيت أن يؤدي إلى ذلك، فاقتصري على جانب التنبيه بالحكمة، والموعظة الحسنة.
ونرجو أن يكون الإثم مرفوعًا عنك، ولا يمنع هذا من الملائكة ما دمت غطيت الصور الخاصة بك، ونهيت الأهل عنها، فقد جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: وأما قوله صلى الله عليه و سلم: فليغيره ـ فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وهو أيضًا من النصيحة التي هي الدين ... وأما قول الله عز و جل: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105} فليس مخالفًا لما ذكرناه؛ لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم، مثل قوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل؛ لكونه أدى ما عليه، فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول، والله أعلم. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 12972، وما أحيل عليه فيها.
وبخصوص حكم تعليق الآيات راجعي الفتوى رقم: 23572.
والله أعلم.