الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح أن تحريم الرجل زوجته مشبهًا إياها بحرمة الأم يعتبر ظهارًا، وهو قول الحنابلة، وهو المرجح عندنا، فانظر تحريره في الفتوى رقم: 105241.
ولكن الظهار لا يثبت بمجرد دعوى الزوجة حصوله، ومن ثم فهو أمام القضاء غير واقع، ما لم تقم عليه بينة، ومع ذلك فالمرأة يجب عليها أن تعمل على ما علمته منه، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين فقيل له: امرأة ظاهر منها زوجها، وطلبت منه صيام شهرين متتابعين، فأنكر هذا الظهار!! فأطعمت ستين مسكينًا، ولكن بعد أن مسها، فما الحكم؟
فكانت الإجابة: دعوى الزوجة أن زوجها ظاهر منها غير مقبولة، لأننا لو قبلنا دعواها لقبلناها بدون بينة، ولو قبلنا دعوى الزوجة بأن زوجها ظاهر منها، لكانت كل امرأة لا تريد زوجها أن يقربها تدعي أنه ظاهر منها؛ ليمتنع منها قبل الكفارة، ولكن إذا علمت هي علم اليقين أنه ظاهر، فإنها تمتنع منه بقدر الإمكان، حتى يفعل ما أمره الله به من الكفارة.
وعليه، فإن كانت الزوجة جازمة بأن زوجها قال لها: تحرمين عليّ مثل أمي ـ فليس لها أن تمكنه من نفسها، حتى يؤدي كفارة الظهار، وكفارة الظهار على الترتيب، لا على التخيير، فعليه صيام شهرين متتابعين إن لم يجد رقبة يعتقها، فإن عجز عن صيامهما أطعم ستين مسكينًا، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 169981.
وأما ما ذكره الشيخ المذكور، فلا نعرف له وجهًا، لا لجعل كفارة الظهار على التخيير؛ لأنها مخالفة لصريح القرآن في الترتيب، كما في صدر سورة المجادلة، ولا لإلزامه الزوج بكفارة اليمين في حالة عدم التذكر.
والله أعلم.