الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإنسان يوم القيامة يتذكر كل ما عمل من خير أو شر، كما جاء في قوله تعالى: فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى {النازعات:34}، يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى {النازعات:35}.
قال ابن جزي: أي ما عمل في الدنيا من خير، أو شر. اهـ.
وفي الآية الأخرى: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى {الفجر:23}، أي: يتذكر عصيانه وطغيانه، وينظر ما فاته من العمل الصالح.
وقال البيضاوي: يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ مَا سَعى بأن يراه مدونًا في صحيفته، وكان قد نسيه من فرط الغفلة، أو طول المدة. اهـ.
وأما هل ينتهي النسيان بنهاية الحياة الدنيا؟ فهذا من الأمور الغيبية التي لا يمكن القول فيها بغير دليل من الوحي، وهو ما لم نقف عليه، والذي لا شك فيه أن الناس في الآخرة يتذكرون ما كانوا عليه في الدنيا؛ فيكون ذلك رحمة، وزيادة نعيم لأهل الجنة، وحسرة وعذابًا لأهل النار، وقد وردت الأدلة على ذلك من نصوص الوحي منها قول الله تعالى في أهل الجنة: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ {الطور:25}، قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ {الطور:26}، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ {الطور:27}، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ {الطور:28}، ويتذكرون أيام الدنيا، وما لاقوا فيها من ابتلاء ومحن، فيقولون: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ {فاطر:34}.
والله أعلم.