الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا. متفق عليه.
قال الشوكاني في شرح المنتقى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اطِّرَاحِ الشُّكُوكِ الْعَارِضَةِ لِمَنْ فِي الصَّلَاةِ، وَالْوَسْوَسَة الَّتِي جَعَلَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ، وَعَدَمِ الِانْتِقَالِ إلَّا لِقِيَامِ نَاقِلٍ مُتَيَقِّنٍ، كَسَمَاعِ الصَّوْتِ، وَشَمِّ الرِّيحِ، وَمُشَاهَدَةِ الْخَارِجِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ، وَقَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ، وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولِهَا؛ حَتَّى يُتَيَقَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ الطَّارِئُ عَلَيْهَا، فَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَابِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ هَذَا الشَّكِّ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ، وَحُصُولِهِ خَارِجِ الصَّلَاةِ، هَذَا مَذْهَبُنَا، وَمَذْهَبُ جماهير العلماء. انتهى.
فإذا علمت هذا، فإنك لا تخرج من صلاتك، ولا تحكم بانتقاض طهارتك بمجرد الشك، فما لم يحصل لك اليقين الجازم بأنه قد خرج منك شيء من البول، فالأصل بقاء طهارتك، فاستصحب هذا الأصل حتى يزول بيقين الحدث.
ولا يلزمك أن تعيد شيئًا من الصلوات التي تشك في انتقاض طهارتك فيها.
والله أعلم.