الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا فتاوى كثيرة، نقلنا فيها ما ذكره العلماء، والدعاة، والمصلحون من خطورة الإقامة في بلاد الكفر، سواء من أجل الدراسة أم غيرها، وبينّا أن من يخشى على نفسه الفتنة لا تجوز له الإقامة هنالك أصلًا، وأنه تجب عليه الهجرة إلى بلاد الإسلام، فضع هذا عين الاعتبار، وراجع الفتاوى التالية: 51334، 144781، 108355. هذا أولًا.
ثانيًا: في الزواج خير عظيم، ومن أعظم ما فيه إعفاف النفس، وصيانتها عن الفواحش، ويختلف حكم النكاح باختلاف الناس، وهو واجب في حق من كان قادرًا على مؤنته، ويخشى على نفسه الزنا بتركه، ويمكنك مطالعة الفتوى: 79816 ففيها التفصيل.
ثالثًا: طاعة الوالدين في المعروف واجبة، ولكن ليس من المعروف أن يأمر الوالدان ولدهما بما فيه ضرر على نفسه، وخاصة الضرر في الدين، وإقناعهما قبل الإقدام على النكاح أفضل، ومن أحسن ما يستعان عليهما فيه دعاء الله تعالى، ثم الاستعانة بمن له وجاهة عندهما، فإن اقتنعا فالحمد لله، وإلا، فلا حرج في مخالفتهما في هذه الحالة، ولا يعتبر ذلك عقوقًا، وينبغي السعي في إرضائهما بعد ذلك، وانظر الفتويين: 114196، 76303.
رابعًا: ليس النكاح بمعوق عن الدراسة، أو سبب في الفشل، أو التأثير على المستوى الدراسي دائمًا، ويختلف الأمر في ذلك باختلاف الناس، بل ومنهم من يكون الزواج سببًا في تفوقه، بسبب ما يجد من عون رباني، واستقرار نفسي، ومساعدة من امرأة صالحة.
وفي نهاية الأمر: إذا لم يمكنك النكاح، وخشيت على نفسك الفتنة، فتجب عليك الهجرة، واجتهد في البحث عن بلد مسلم تتمكن من إكمال دراستك فيه، وتأمن على نفسك الفتنة فيه، وفي بلاد المسلمين كثير من الخير، ودين المسلم هو أغلى ما عنده، والسلامة لا يعدلها شيء، وقد أحسن القحطاني في نونيته حين قال:
فالدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران
والله أعلم.