الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالسؤال يكتنفه الكثير من الغموض، ومما يزيد الأمر غموضا في السؤال أن الأخ السائل ذكر أن المتوفاة ماتت عن ثلاث بنات, ومع هذا فلم يدخلهن في قائمة الوارثات من النساء واكتفى بأنها ماتت عن ابنين, ومسائل الميراث لا يمكن حلها إلا إذا كانت معطياتها واضحة لا لبس فيها, والذي يمكننا قوله باختصار ما يلي:
أولا: إذا كان أبوك قد باع أملاكه لزوجته بيعا حقيقيا، فهذا بيع ماض ولو وقع منه في مرض الموت بثمن المثل, قال النووي في روضة الطالبين: لو باع المريض ماله لوارثه بثمن المثل نفذ قطعاً. اهـ.
وقال المرداوي في الإنصاف: إنْ كَانَتْ الْمُعَاوَضَةُ فِي الْمَرَضِ مَعَ غَيْرِ الْوَارِثِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كَانَتْ مَعَ وَارِثٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اهـ.
وفي المدونة: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: مَا بَاعَ الْمَرِيضُ أَوْ اشْتَرَى فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَابَى، فَإِنْ حَابَى كَانَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ. اهـ.
وأما إذا كان بيعا صوريا: فإن هذه تعتبر هبة، فإن وقعت منه في مرض مخوف، فإنها وصية لوارث، ولا تمضي إلا إذا رضي الورثة ـ بمن فيهم بناته من زوجة أخرى ـ فإن لم يرض الورثة كان لهم الحق في ميراث ما باعه لها.
ثانيا: وصية أمك لحفيدتها ـ كما فهمناه من السؤال ـ بكل ما يخصها لا تصح إلا في حدود الثلث, وما زاد عن الثلث لابد فيه من موافقة ورثتها.
ثالثا: ما ادعته أمكم من أنها هي التي اشترت الأرض وبنت عليها ـ مع كون ذلك مسجلا باسم الأب ـ هذه دعوى تحتاج إلى بينة, فإن لم توجد بينة على دعواها، فإن الأصل أن الأرض والبناء للأب وليس لها مادام قد سجل باسمه، ولابد من عرض الأمر على المحكمة الشرعية أو مشافهة أهل العلم بالمسألة حتى يتسنى سماع جميع الأطراف ولا تكتفوا بما كتبناه لكم، فهو مجرد معلومات عامة وليس فتوى لسؤالكم.
والله أعلم.