الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشهادة يجب أن يكون مستندها أقوى أسباب العلم، وهي المشاهدة والعلم اليقيني، قال ابن قدامة في المغني: وما أدركه من الفعل نظراً أو سمعه تيقناً وإن لم ير المشهود عليه، شهد به، وجملة ذلك أن الشهادة لا تجوز إلا بما علمه بدليل قول الله تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ـ وقوله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ـ وتخصيصه لهذه الثلاثة بالسؤال، لأن العلم بالفؤاد، وهو يستند إلى السمع والبصر، ولأن مدرك الشهادة الرؤية والسماع، وهما بالبصر والسمع، وروي عن ابن عباس أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة؟ قال: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع ـ رواه الخلال في الجامع بإسناده. اهـ.
وبناء على هذا، فإن ثبت عندك بيقين أن ما ذكرته قد تم فعلا، فلا تعتبر هذه الشهادة شهادة زور، فلا إثم عليك فيها ولكن تأثم من جهة إخبارك القاضي بأنك قد شهدت الحادثة، فهذا كذب، وكفارته هي التوبة النصوح، وليس فيه كفارة مخصوصة.
والله أعلم.