حكم تعريض النفس للفتن لاختبارها

13-2-2014 | إسلام ويب

السؤال:
قد يقول شخص: إنه يجاهد نفسه، والحقيقة تكون غير ذلك، وأنا أعلم أن الجهاد الحق يظهر وقت الشدة، حيث تتكشف الأمور؛ ولذلك فإني أختبر جهاد نفسي، وجهاد الهوى، والشهوة، حيث إني أحيانًا بقصد، أو بدون قصد، ولضرورة، أو لغير ضرورة، أذهب إلى أماكن مزدحمة بالنساء، وأذهب إلى مدارس البنات، وأركب في المواصلات المزدحمة؛ لكي أختبر نفسي هل سأفتن من أحد أم لا، وهل أستطيع أن أجاهد نفسي، وأجاهد الهوى والشهوة أم لا، فما رد سيادتكم على ذلك؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتعمد فعل ذلك خطأٌ بيِّنٌ، والعاقل لا يتعمد تعريض نفسه للفتن ليختبرها ويجاهدها، ولكنها إذا عرضت له من غير طلب جاهدها، وأقام أمر الله فيها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا. رواه البخاري، ومسلم.

ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والجلوس على الطرقات، فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقها، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. رواه البخاري، ومسلم.

قال النووي: أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى علة النهي من التعرض للفتن والإثم، بمرور النساء، وغيرهن، وقد يمتد نظر إليهن، أو فكر فيهن .. اهـ.

وقال ابن حجر: قد اشتملت على معنى علة النهي عن الجلوس في الطرق، من التعرض للفتن بخطور النساء الشواب، وخوف ما يلحق من النظر إليهن من ذلك؛ إذ لم يمنع النساء من المرور في الشوارع لحوائجهن، ومن التعرض لحقوق الله، وللمسلمين، مما لا يلزم الإنسان إذا كان في بيته، وحيث لا ينفرد، أو يشتغل بما يلزمه، ومن رؤية المناكير، وتعطيل المعارف، فيجب على المسلم الأمر، والنهي عند ذلك، فإن ترك ذلك فقد تعرض للمعصية ... والمرء مأمور بألا يتعرض للفتن، وإلزام نفسه ما لعله لا يقوى عليه، فندبهم الشارع إلى ترك الجلوس حسمًا للمادة. اهـ.

وقال ابن بطال: علمنا رسول الله أن التعرض للفتن مما لا ينبغي، فإن الاحتراس منها أحزم. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 54245.

والله أعلم.

www.islamweb.net