الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فوصيته بالأراضي لأولاده، والبيت لأمه، سواء عنيت بالأم أم الميت، أم زوجته، وكذا وصيته بالدور العلوي لبناته، كل هذه تعتبر وصية لوارث، وهي ليست ملزمة، ولا تُمضَى إلا إذا رضي الورثة بإمضائها, ومن لم يرض منهم فله الحق في أخذ نصيبه الشرعي من كل تلك الأشياء التي أوصى بها, وانظري الفتوى رقم: 121878، والفتوى رقم: 170967 عن الوصية للوارث.
ووصيته بالدور السفلي لزوجة الأب - كما ذكرت - لم يتضح لنا مقصودك بزوجة الأب: فإن كنت تعنين أنه أوصى بذلك الدور لزوجة أبيه، فإن هذه وصية لغير وارث:
فإن كان الدور الموصى به لا يزيد على ثلث التركة، أخذته.
وإن كان يزيد على ثلث التركة: فليس لها منه إلا الثلث، وعند التنازع يرفع الأمر إلى المحكمة الشرعية.
وإن كنت تعنين بزوجة الأب زوجته هو، وسميتها بزوجة الأب باعتبار أنها زوجة أب بالنسبة لأولاده: فهذه تكون وصية لزوجته، وهي من جملة الوصية للوارث، وقد تقدم حكمها.
وقوله عن المزرعة: "كلوا وأطعموا منها" فهذا لا يحصل به الوقف؛ إذ الوقف يحصل بألفاظ صريحة، وبالكناية مع النية.
وقوله: "كلوا" هذه وصية لهم بالأكل، فتكون من الوصية للوارث, وقوله: "أطعموا" هذه وصية بالإطعام، وإذا لم يبين الموصى له بالإطعام، لا بالعين، ولا بالوصف، فالظاهر صرف ذلك للفقراء, فقد ذكر بعض الفقهاء أنه إن أوصى بثلثه، ولم يبين مصرف الثلث صحت وصرف للفقراء, جاء في حاشية البجيرمي: كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي، وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ بِثُلُثِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا أُولَئِكَ، فَكَانَ إطْلَاقُهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهِمْ، فَفِيهِ ذِكْرُ جِهَةٍ ضِمْنًا ... اهــ.
وتطعمون حينئذ من المزرعة ما يصدق عليه أنه حصل به الإطعام؛ لأن الموصي إذا لم يبين المقدار رجع في تحديده إلى الورثة, قال في كشاف القناع: وإن وصى له - أي: لزيد مثلًا - بجزء، أو حظ، أو قسط، أو نصيب، أو شيء، أعطاه الوارث ما شاء، قال في المغني: ولا أعلم فيه خلافًا؛ لأن كل شيء جزء، ونصيب، وحظ شيء، وكذلك إن قال: أعطوا فلانًا من مالي، أو ارزقوه. اهــ
وأنت ذكرت - أيتها السائلة - أنه أوصى بالبيت للأم، وكلمة أم تعني أم الميت, ومع هذا لم تُدخِلي الأم في خانة الوارثات من النساء, ونظنك تعنين بها زوجته، وليس أمه، وسميتها أمًّا باعتبار أنها أم أولاده, ونحن سنبني جوابنا في قسمة التركة على أنه لم يترك أمًّا له.
وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر: فإن لزوجاته الثلاث الثمن فرضًا – بينهن بالسوية - لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}, والباقي للأبناء الثمانية، والبنات الثمان، تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}, ولا شيء لبقية الورثة المذكورين من أبناء الابن، وبنات الابن، والإخوة الأشقاء، والشقيقات؛ لأنهم جميعًا لا يرثون مع وجود الابن, فتقسم التركة على مائة واثنين وتسعين سهمًا, للزوجات الثلاث ثمنها, أربعة وعشرون سهمًا, لكل واحدة منهن ثمانية أسهم, ولكل ابن أربعة عشر سهمًا, ولكل بنت سبعة أسهم, وهذه صورتها:
الورثة / اصل المسألة | 8 * 24 | 192 |
---|---|---|
3 زوجات | 1 | 24 |
8 أبناء 8 بنات |
7 |
112 56 |
والله تعالى أعلم.