الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مسألة الاستحمام: فإنه قضية منفصلة تمامًا عن المعاملات الربوية، فسماحك للعامل في الربا بالاستحمام ليس من الإعانة على الربا، وإنما إعانة للشخص ذاته فيما لا يتعلق بالربا، وفرق بين الإعانة على المعصية، وبين إعانة العاصي في غير معصيته.
وأما الشخص الذي شرحت له مميزات الجهاز: فإن كان يغلب على ظنك أنه سوف يستخدمه في الحرام: فلا يجوز لك شرح مميزاته، وتسهيل عقباته، وقد علمت أنه يريده للحرام؛ لكون ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وكما أن الدال على الخير كفاعله، فكذلك الدال على الشر كفاعله.
أما إن كنت لا تدري فيم سيستخدم: فلا إثم عليك، وانظر الفتوى رقم: 6448.
والإعانة لغة: من العون، وهو اسم بمعنى المساعدة على الأمر، يقال: أعنته إعانة، واستعنته، واستعنت به.
والإعانة المحرمة تشمل كل ما يعين على الحرام؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، فكل وسيلة موصلة إلى محرم ومعصية تكون محرمة قطعًا، والله جل وعلا يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إعلام الموقعين في الكلام على تحريم وسائل المعاصي، وسد الذرائع إلى المحرم: قال الإمام أحمد: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة ـ ولا ريب أن هذا سد لذريعة الإعانة على المعصية، ويلزم من لم يسد الذرائع أن يجوز هذا البيع، كما صرحوا به، ومن المعلوم أن هذا البيع يتضمن الإعانة على الإثم والعدوان، وفي معنى هذا كل بيع، أو إجارة، أو معاوضة تعين على معصية الله، كبيع السلاح للكفار، والبغاة، وقطاع الطرق، وبيع الرقيق لمن يفسق به، أو يؤجره لذلك، أو إجارة داره، أو حانوته لمن يقيم فيها سوق المعصية، ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يبغضه الله ويسخطه، ومن هذا عصر العنب لمن يتخذه خمرًا، وقد لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والمعتصر معًا. انتهى.
والله أعلم.