الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعامل مع الكفار بيعا وشراء ونحو ذلك مباح في الأصل وليس محرما، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل الكفار كما في الصحيحين عن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود: أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها.
وفي الصحيحين عن عائشة، قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما بنسيئة، فأعطاه درعا له رهنا.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: مجرد مؤاكلة الكافر ومجالسته ومعاملته بيعا عليه أو شراء منه، ونحو ذلك من تبادل المنافع الدنيوية التي لا تعود على المسلمين بمضرة في دينهم أو دنياهم، لا تخرج من الملة الإسلامية، بل بر الكفار والإحسان إليهم لا يعتبر معصية ما داموا لم يقاتلونا في الدين، ولم يكونوا حربا علينا، قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ـ وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم اليهود وتبادل معهم المنافع وعاملهم بعد غزوة خيبر أن يزرعوا أرضها بشطر ما يخرج منها، وأكل من ذراع شاة قدمتها له ولأصحابه يهودية، ووضعت له سما في ذراعها لتضر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل الهدية من عظيم الروم بعد غزوة تبوك وكافأه عليها، وكان عنده خادم كافر وعرض عليه الإسلام فأسلم، وكان يختلط بالكفار ليبلغهم دعوة الله ويناقشهم ويجيب عن أسئلتهم، إلى غير ذلك من المعاملات والمخالطات التي لا تمس كيان الإسلام، ولا تضر بالمسلمين في دنياهم، وإنما تبلغ بها الدعوة الإسلامية، وتقوم بها الحجة، أو ينتفع بها المسلمون في دنياهم ويعود عليهم منها مصلحة، وقد توفي عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله. اهـ.
فمجرد كون الشركة يهودية لا يُحرِّم عليك التعامل التجاري معها، وانظر للفائدة الفتويين رقم: 3545، والفتوى رقم: 75760.
والله أعلم.