الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن فرض الدولة الإسلامية لضرائب على من يريد التجارة أو الصناعة أو نحو ذلك على أرضها من غير المسلمين جائز، لما ثبت من أخذ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ للعشر من تجارات غير المسلمين، إذ أخرج مالك في الموطأ: عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال: كنت غلاما عاملا مع عبد الله بن عتبة بن مسعود على سوق المدينة في زمن عمر بن الخطاب فكنا نأخذ من النبط العشر ـ قال الباجي في المنتقى: يريد أنه كان عاملا على أخذ العشر من أهل الذمة القادمين من سائر الآفاق فأخبر عما كان يأخذ هو وعبد الله بن عتبة بن مسعود من النبط ـ وهو العشر ـ وأضاف ذلك إلى زمن عمر بن الخطاب، لأن ما كان يفعل فيه كان بإجماع الصحابة لمشورتهم، فإذا لم يثبت فيه خلاف ولا ظهر فهو إجماع وحجة يجب المصير إليها والعمل بها... اهـ
قال الدكتور علي محيي الدين القره داغي: ضريبة التعشير أو العشور في التجارات: التعشير لغة من عشر، بتشديد الشين فيقال: عشر المال أي أخذ عشره، وأصله من عشر يعشر عشرا وعشورا أي أخذ واحدا من عشرة، ويقال: عشر المال عشورا أي أخذ عشره مكسا، فهو عاشر، وله معان أخرى، والعشور والتعشير والأعشار في الاصطلاح يقصد به ما يؤخذ على أموال التجارة التي يأتي بها غير المسلمين إلى بلاد المسلمين، وكان أول من شرع العشور على أموال التجارة التي يأتي بها غير المسلمين سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول أبو يوسف: كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب: أن تجارا من قبلنا من المسلمين يأتون أرض الحرب فيأخذون منهن العشر؟ قال: فكتب إليه عمر: فخذ أنت منهم كما يأخذون من تجار المسلمين، وخذ من أهل الذمة نصف العشر، ومن المسلمين من كل أربعين درهما درهما.. وهذا الأثر يدل على مشروعية الضريبة على التجارة بحيث توضع على تجارة غير المسلمين الذين يأتون من الخارج العشر10% وعلى تجارة الذميين نصف العشر5% وعلى تجارة المسلمين الزكاة، كما يدل على المعاملة بالمثل، فإذا كانت الدول غير الإسلامية تضع على تجارتنا ضريبة فلنا الحق أن نضع على تجارتها مثلها, أو أكثر أو أقل... اهـ
ولا يشترط لجواز ذلك ضعف موارد الدولة، وللمزيد انظر لفتوى رقم: 65250.
ولا تسعنا الإفاضة حول هذا الموضوع لانشغالنا بالفتاوىا المتراكمة لدينا، وأنت قد ذكرت أنك بصدد إجراء بحث اقتصادي مالي حول الموارد المالية للدولة الإسلامية وعليه، فإنه يمكنك مراجعة هذه المسألة في مظانها في كتب أهل العلم.
والله أعلم.