الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فإذا كنت آذيت معلّماتك بأن نلت من أعراضهنّ، أو ذكرتهنّ بسوء؛ فقد أثمت؛ فأعراض المسلمين مصونة، وأذيتهم محرمة.
وما قامت به والدتك من إنكار وجودك، يعد كذبًا، والكذب محرم، فتجب عليكما التوبة مما اقترفتما.
وشروط التوبة هي: الإقلاع عن الذنب في الحال، والندم على ما فات، وعقد العزم على عدم العودة إليه ثانية. هذا إن تعلَّق الأمر بحق الله فقط.
أما إن تعلق بحق العباد؛ فبالإضافة إلى الشروط الثلاثة السابقة لا بد من إرجاع ذلك الحق إلى صاحبه: فإن كان مالًا، رده التائب إليه، أو استحلّه منه، وإن كان عِرضًا، طلب منه المسامحة فيه.
ومن العلماء من قال: إنه يكفي في الغيبة وما شابهها الاستغفار لصاحبها، وذكر محاسنه في المجالس التي اغتيب فيها؛ وبذلك تتم التوبة، وقد رجّحنا هذا القول في الفتوى: 18180.
فإذا حققتما شروط التوبة، فأبشرا؛ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
أما ما أصابكما جَرَّاء الحادث، وكذلك عدم توفيقك أنت في الدراسة، فسبب ذلك من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فقد يكون بسبب شؤم اعتدائك على المعلمات، وكذب والدتك، وقد يكون بسبب ذنوب أخرى، وقد يكون بسبب دعاء المعلّمات عليك، ولا سيما إن كنّ مظلومات، لا أحد يدري.
لكن مما لا شك فيه أن كل ما يتعرض له الإنسان من نكبات في مسار حياته -في صحته، وفي رزقه، أو في غير ذلك- سببه ذنوبه، قال جل وعلا: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].
إلا أن الله تعالى بفضله وكرمه يكفّر بهذه المصائب الذنوب؛ حتى يبقى العبد، وليس عليه ذنب، أخرج البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ما يصيب المسلم من نصبٍ، ولا وصبٍ، ولا همٍّ، ولا حزنٍ، ولا أذىً، ولا غمٍ، حتى الشوكة يُشاكُها؛ إلا كفَّر الله بها من خطاياه.
ولا يخفى ما في هذا الحديث الحكيم من البشارة لمن تصيبه المصائب من العصاة؛ بشرط أن يصبر، ويحتسب الأجر عند الله.
ومع ذلك؛ فلا بد من التوبة النصوح.
والله أعلم.