الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد ذكرنا لك في الجواب المشار إليه أنك تهاونت، وأن التوبة تجب ما قبلها، وهذا صريح في أنك آثم بما فعلت، سواء أكنت تعمدت تأخير الصلاة من غير عذر، أم أخرتها بسبب استرسالك مع الوسوسة حتى خرج وقتها؛ لأنه يحرم الاسترسال مع الوسوسة حتى يخرج وقت الصلاة، وقد قال محمد صديق خان القِنَّوجي في كتابه "الروضة الندية" وهو يصف حال الموسوس واسترساله مع الوسوسة حتى خرج وقت الصلاة ووصفه بأنه من العصاة، فقال - وهو يصف حالهم -: ثم إذا فرغ من العضو الأول بعد جهد جهيد، شرع في العضو الثاني، ثم كذلك، وكثير منهم من يدخل محل الطهارة قبل طلوع الفجر، ولا يخرج إلا بعد طلوع الشمس، فما بلغ الشيطان هذا المبلغ من أحد من العصاة؛ لأنه عذب نفسه في معصية، لا لذة فيها للنفس، ولا رفعة للقدر، وصار بمجرد مجاوزة الثلاث الغسلات كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن تجاوزها "فقد أساء، وتعدى، وظلم" فجمع له صلى الله عليه وسلم بين هذه الثلاثة الأنواع، ثم لم يقنع منه بهذا؛ حتى صيره تاركًا للفريضة التي ليس بين العبد وبين الكفر إلا تركها ...إلخ. اهــ
كما أن نومك بعد دخول الوقت لا يجوز، إلا إذا علمت أنك ستستيقظ قبل خروج الوقت بما يكفي للطهارة وأداء الصلاة, وانظر الفتوى رقم: 98324 في حكم من استيقظ للصلاة ثم عاود النوم حتى خرج وقتها.
وما تفعله بنفسك من تكرار الوضوء ست مرات، والاغتسال لساعة ونصف هو من تلاعب الشيطان بك، ولم يوجب الله عليك هذا، فاتق الله تعالى، وكف عما أنت فيه من الجهل, جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي: فِي رِسَالَةِ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: ضَاقَ صَدْرِي لَيْلَةً لِكَثْرَةِ مَا صَبَبْت مِنْ الْمَاءِ، وَلَمْ يَسْكُنْ قَلْبِي، فَقُلْت: يَا رَبِّ عَفْوَك، فَسَمِعْت هَاتِفًا يَقُولُ: الْعَفْوُ فِي الْعِلْمِ؛ فَزَالَ ذَلِكَ عَنِّي. اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ صِحَّةَ مَا قَدَّمْته أَنَّ الْوَسْوَسَةَ لَا تُسَلَّطُ إلَّا عَلَى مَنْ اسْتَحْكَمَ عَلَيْهِ الْجَهْلُ وَالْخَبَلُ وَصَارَ لَا تَمْيِيزَ لَهُ ... اهـ. وانظر لمزيد من الفائدة الفتويين التاليتين: 134196، 3086.
والله تعالى أعلم.