الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن فعل فعلا في صلاته ويشك هل فعله مبطل للصلاة أم لا؟ ولا يعلم. فإن فرضه أن يسأل أهل العلم عن ذلك، ويذكر لهم ما فعله؛ وقد قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
فإن تبين له أن فعله ليس مبطلا للصلاة، فذاك. وإن تبين له أن فعله مبطل للصلاة، وفعله جاهلا، فإنه يجري فيه خلاف الفقهاء فيمن ارتكب ما يبطل الصلاة جاهلا هل يلزمه القضاء أم لا؟ وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 125010حكم من وقع في أمر مبطل للصلاة جاهلا به.
وقولك: " إذا كان الانحناء أثناء قراءة آخر آية من الفاتحة ... " إن كنت تعني أنه أتم آخر آية منها وهو في الانحناء إلى الركوع، فإن القيام للفاتحة ركن من أركان الصلاة كما قال في منح الجليل في عد فرائض الصلاة: وَسَادِسُهَا: قِيَامٌ اسْتِقْلَالًا لَهَا أَيْ لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي فَرْضٍ، لِقَادِرٍ عَلَيْهِ ... اهــ.
فإن أتمها حال الانحناء اليسير الذي لا يخرجه عن مسمى القيام، فإنه لا يضر.
قال زكريا الأنصاري الشافعي- رحمه الله- في الغرر البهية عن التكبير للإحرام عند الهوي لمن أدرك الإمام راكعا: الشَّرْطَ إتْمَامُهَا فِي حَدٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ، وَهُوَ حَدُّ الْقِيَامِ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ حَدَّ الْقِيَامِ صَادِقٌ مَعَ هُوِيٍّ لَا يَصِيرُ بِهِ أَقْرَبَ إلَى الرُّكُوعِ .. اهــ.
وجاء في مغني المحتاج عند قول المصنف عن القيام: وَشَرْطُهُ نَصْبُ فَقَاره، فَإِنْ وَقَفَ مُنْحَنِيًا أَوْ مَائِلًا بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا لَمْ يَصِحَّ.
قال صاحب المغني: وَالِانْحِنَاءُ السَّالِبُ لِلِاسْمِ: أَنْ يَصِيرَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ صَحَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ. اهــ.
وأما إذا أتمها في انحناء قد خرج به عن حد القيام، فإنه يكون قرأ شيئا من الفاتحة في غير القيام, وهذا لا يجزئ, ويكون حكمه حكم من ترك ركنا من أركان الصلاة، فإن لم يأت به حتى سلم وطال الفصل، أعاد الصلاة.
وننبهك إلى خطورة الوسوسة؛ فإن أسئلتك السابقة تشير إلى أنك مصاب بشيء من الوسوسة.
والله تعالى أعلم.