الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمنع جماع الحائض يستمر حتى تغتسل من الحيض، قال ابن قدامة في المغني: مسألة: قال: فإن انقطع دمها، فلا توطأ حتى تغتسل، وجملته أن وطء الحائض قبل الغسل حرام، وإن انقطع دمها في قول أكثر أهل العلم، قال ابن المنذر: هذا كالإجماع منهم، وقال أحمد بن محمد المروذي: لا أعلم في هذا خلافا، وقال أبو حنيفة: إن انقطع الدم لأكثر الحيض، حل وطؤها، وإن انقطع لدون ذلك، لم يبح حتى تغتسل، أو تتيمم، أو يمضي عليها وقت صلاة، لأن وجوب الغسل لا يمنع من الوطء بالجنابة. ولنا، قول الله تعالى: ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله {البقرة: 222} يعني إذا اغتسلن. اهـ.
والاستمتاع في الفرج بالحائض أو من انقطع حيضها ولم تغتسل حرامٌ بالجماع وبغيره، لحديثُ عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها شيئا. رواه أبو داود.
وعن مسروق بن أجدع قال: سألت عائشة رضي الله عنها: ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت: كل شيء إلا الفرج. رواه البخاري في تاريخه.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: والحديث الأول يدل على جواز الاستمتاع من غير تخصيص بمحل دون محل من سائر البدن غير الفرج، لكن مع وضع شيء على الفرج يكون حائلا بينه وبين ما يتصل به من الرجل، والحديث الثاني يدل على جواز الاستمتاع بما عدا الفرج. انتهى.
وقال ابن مفلح ـ رحمه الله ـ في المبدع: وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَمْتَعَ مِنَ الْحَائِضِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ مِنَ الْقُبْلَةِ، وَاللَّمْسِ، وَالْوَطْءِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ {البقرة: 222} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاعْتَزِلُوا نِكَاحَ فُرُوجِهِنَّ، رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَلِأَنَّ الْمَحِيضَ هُوَ اسْمٌ لِمَكَانِ الْحَيْضِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَالْمَقِيلِ، وَالْمَبِيتِ، فَيَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِمَكَانِ الْحَيْضِ، وَهُوَ الْفَرْجُ. انتهى.
فعلم من جميع ما ذكر أن ما سألت عنه من الاستمتاع بالعضو المذكور قبل الاغتسال من الحيض غير مباح، وننبهك إلى أن ما سألت عنه لا يسمى جماعا، فإن الجماع هو إيلاج الذكر في الفرج، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 121904.
والله أعلم.