الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك للعلم النافع والعمل الصالح، فمجالسة أهل العلم لا تراد للتعلم فقط، ولكن للأدب، والسمت، وتعويد المتلقي على الصبر وغير ذلك، روى الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي، وآداب السامع عن ابن المبارك، قال: قال لي مخلد بن الحسين: نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث ـ وروي عن مالك بن أنس، قال: قال ابن سيرين: كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم، قال: وبعث ابن سيرين رجلا فنظر كيف هدي القاسم وحاله.
وذكر الذهبي في السير عن عبد الله بن وهب قال: ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلمنا من علمه.
فلا ينبغي لك الاقتصار على هذه الوسائط، واقتصار الإنسان على الوسائل المرئية أو المسموعة دون مخالطة العالم المؤدِب المربي أدى إلى انحطاط أخلاقي خطير بين بعض طلبة العلم، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 7677، أن طالب العلم لا ينبغي له أن يلجأ إلى الوجادة أو الواسطة، إلا إذا تعذر عليه الطلب المباشر، فمما لا شك فيه أن المباشرة أفضل وأتم لكثرة ما يستفيده من شيخه في ما أشكل عليه، وكذلك في اكتسابه الهدي والأدب من مجالسته للعلماء، مما هو مفقود في هذه الوسائل التعليمية، والأولى لطالب العلم أن يجمع بين الأمرين ليحصل على الكمال والخير.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 57409.
والله أعلم.