الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبل من الأخ، ويرزقه أجر كفالة اليتيم، والسعي على الأرملة، كما نرجو أن يأجر الله كل من تعاونوا معه في النفقة على اليتامى من أفراد العائلة، فقد دلت النصوص على أن السعي على الأرامل، وكفالة اليتامى من أجلِّ القرب، وأفضل العبادات، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: كالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر.
وفي البخاري عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.
وكافل اليتيم هو القائم بأموره بالنفقة، والكسوة، والتربية، والتأديب، وغير ذلك، فإذا تعاون الجميع على ذلك، فنرجو لهم الأجر جميعًا، فقد قال النووي في شرح مسلم: المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، ومعنى المشاركة أن له أجرًا كما لصاحبه أجر، وليس معناه أن يزاحمه في أجره، والمراد المشاركة في أصل الثواب، فيكون لهذا ثواب، ولهذا ثواب، وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر، وقد يكون عكسه، فإذا أعطى المالك لخازنه، أو امرأته، أو غيرهما، مائة درهم، أو نحوها ليوصلها إلى مستحق الصدقة على باب داره، أو نحوه، فأجر المالك أكثر، وإن أعطاه رمانة، أو رغيفًا، ونحوهما؛ مما ليس له كثير قيمة؛ ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة، بحيث يقابل مشي الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف، فأجر الوكيل أكثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلًا، فيكون مقدار الأجر سواء، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (الأجر بينكما نصفان) فمعناه قسمان، وإن كان أحدهما أكثر، كما قال الشاعر: إذا مت كان الناس نصفان بيننا ... اهـ
والله أعلم.