الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول لك أولا إن كل ما ذكرته من ذرائع ليس مسوغا للعزوف عن الزواج وبيان ذلك على النحو التالي:
1ـ ما ذكرته من أن كثيرا من التزاوج يكون سببا في تنازع العائلات وقطع الأرحام، ليس صحيحا على الإطلاق، بل إن الغالب ـ بحمد الله ـ خلافه، وما يحصل من ذلك راجع لعدم الالتزام بالتوجيهات الشرعية في أمور عديدة، ومنها أمور الزواج واختيار كل من الطرفين للآخر.
2ـ ما ذكرته من انتشار التبرج في المجتمع وعدم الاستقامة والتجاوز لحدود الله تعالى، لا يعني فساد المجتمع كله فمهما كثر الخبث فالخير باق بفضل الله في الأمة، ولن تعدم امرأة صالحة بإذن الله.
3ـ ما تشعر به من نقص في جمال شكلك لا ينبغي أن يمنعك من الإقدام على الزواج، فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم جليبيبا ـ رضي الله عنه ـ وكان دميم الخلقة، وقد ذكرنا قصته في الفتوى رقم: 6145، فراجعها.
واعلم أن المهم والمعتبر عند ذوي العقول والبصائر هو جمال المخبر وليس جمال المنظر فقط.
4ـ الزواج في الأصل مندوب إليه شرعاً، فلا ينبغي العزوف عنه، قال العيني: فإن النكاح سنة الأنبياء والمرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وقد تواترت الأخبار والآثار في توعد من رغب عنه وتحريض من رغب فيه.
وقال ابن قدامة: النكاح من سنن المرسلين وهو أفضل من التخلي منه لنفل العبادة.
كما أنّ الشرع رغب في الزواج لحكم كثيرة ومقاصد عديدة منها التماس الذرية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا، فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصيام، فإن الصوم له وجاء. رواه ابن ماجة.
فالعزوف عن الزواج إعراض عن التماس الذرية التي تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة، ومخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفعلية والقولية والتقريرية، فالذي ننصحك به أن تبادر بالزواج عند القدرة عليه، وبخصوص علاقتك بوالدك وإنفاقه عليك، فاعلم أنّ بعض العلماء يوجب على الأب الموسر تزويج ابنه الفقير المحتاج للزواج، قال ابن قدامة رحمه الله: قال أصحابنا: وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته وكان محتاجا إلى إعفافه، وهو قول بعض أصحاب الشافعي..
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الابن البالغ لا تجب نفقته على أبيه، إلا أن يكون عاجزاً كالمريض والمجنون، وذهب الحنابلة إلى وجوب نفقة الابن على أبيه ما دام الابن لا يجد ما ينفق به على نفسه ولو كان صحيحاً قوياً، قال ابن قدامة: ولا يشترط في وجوب نفقة الوالدين والمولودين نقص الخلقة ولا نقص الأحكام في ظاهر المذهب.
وسبق أن بينا أن نفقات الدراسة الجامعية لا تدخل في النفقة الواجبة على الأب، وراجع الفتوى رقم: 59707.
وننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.