الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته داخل في حكم المسألة، وقد جاء النهي عن المسألة وأنها لا تحل إلا لمن اتصف بإحدى صفات ثلاث؛ فقد أخرج مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال: ثم قال: يا قبيصة: إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا.
وعليه فإن كنت ممن تحل لهم المسألة، فلا حرج عليك في جمع التبرعات حتى تزول حاجتك، ولو كان المتبرع كافرا أو غيره، كما بينا في الفتويين: 40918/228673
ومسألة كون مال المتبرع قد يكون من حرام، لا تأثير له، ولا يمنع جواز قبول تبرعه والانتفاع به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ، فَالْمَجْهُولُ كَالْمَعْدُومِ، وَالْأَصْلُ فِيمَا بِيَدِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَهُ، فَإِذَا لَمْ أَعْلَمْ حَالَ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ بَنَيْت الْأَمْرَ عَلَى الْأَصْلِ. اهـ
وأما إن كنت ممن لا تحل لهم المسألة، فلا يجوز لك ما فعلت، وعليك الكف عنه، وقد بينا متى تجوز المسألة لأجل الدراسة في الفتوى رقم: 195563.
والله أعلم.