الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح في وجوب العدل بين الذكور والإناث في الهبة أن تكون بالتساوي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير بن سعد ـ وهو والد النعمان بن بشير: سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثراً لأحد لآثرت النساء على الرجال. أخرجه البيهقي، وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
ولكن إذا كان هناك مسوغ شرعي لإعطاء بعضهم مالا دون غيره أو إعطائه أكثر من غيره نظراً لحاله أو لظروف معينة فإن تخصيصه بالعطاء جائز ولا ينافي العدل، وليس على الأب أن يعوض بقية أبنائه ما آثر به بعضهم نظراً لحاجته، لأن مقصوده أصلاً ليس تفضيل بعضهم على بعض، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه. انتهى.
والله أعلم.